فصل 1
  "و" المعنى "الثالث: ابتداء الغاية المكانية باتفاق" من البصريين والكوفيين بدليل انتهاء الغاية بعدها "نحو": {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا " مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ " إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}[الإسراء: ١]. "و" ابتداء الغاية "الزمانية" وفاقًا للكوفيين والأخفش والمبرد وابن درستويه، و"خلافًا لأكثر البصريين" في منعهم ذلك، "و" يدل "لنا" الكتاب العزيز وهو "قوله تعالى: {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ" أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ}[التوبة: ١٠٨]، "والحديث" وهو قول أنس ¥: "فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة" رواه البخاري(١) من حديث شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس رضي لله عنه، وقول بعض العرب: "من الآن إلى الغد"، كما حكاه الأخفش في المعاني(٢)، "وقول الشاعر" النابغة الذبياني يصف السيوف: [من الطويل]
  ٤٧٠ - "تخيرن من أزمان يوم حليمة" ... إلى اليوم قد جربن كل التجارب
  فـ"من أزمان" لابتداء الغاية الزمانية، وتخيرن وجربن: مبنيان للمفعول، والنون المتصلة بهما نائب الفاعل، وهي راجعة إلى السيوف المحدث عنها في بيت قبله(٣)، وتخيرن(٤): اصطفين: وجربن: اختبرن، ويوم حليمة، يوم مشهور من أيام العرب، وهو اليوم الذي سار فيه المنذر بن المنذر لقتال الأعرج الغساني، وحليمة هي بنت الحارث(٥) بن أبي شمر، والتجارب: جمع تجربة. وحمل المانعون هذه الأدلة على حذف مضاف، والتقدير: في الآية: من تأسيس أول يوم، وفي الحديث من صلاة الجمعة، وفي البيت: من استمرار أزمان، وكذلك ما أشبهها، وأجيب بأن الأصل عدم الحذف.
  وقد يكون ابتداء الغاية في غير المكان والزمان نحو: "من محمد رسول الله هرقل عظيم الروم"(٦).
(١) أخرجه البخاري في الاستسقاء برقم ٩٧١.
(٢) معاني القرآن للأخفش ١/ ١٥٨.
٤٧٠ - البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٤٥، وخزانة الأدب ٣/ ٣٣١، وشرح شواهد المغني ص ٣٤٩، ٧٣١، ولسان العرب ١/ ٢٦١، "جرب"، ١٢/ ١٤٩، "حلم" ومغني اللبيب ص ٣١٩، والمقاصد النحوية ٣/ ٢٧٠، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣/ ٢٢، وشرح ابن الناظم ص ٢٥٩، وشرح الأشموني ٢/ ٢٨٧، وشرح ابن عقيل ٢/ ١٦.
(٣) وهو قوله:
"ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب"
(٤) في "أ": "خيرن".
(٥) في "ط": " الحرب".
(٦) أخرجه البخاري في بدء الوحي برقم ٧.