باب الإعراب والبناء
  الْمُعْرَبِ. وعند الكوفيين لا فرق بين الضمِّ والرَّفْعِ، والفَتْحِ والنَّصْبِ، والجَرِّ وَالْكَسْرِ، والوقف والجزم، فَيُسَمون المنصوب مفتوحا، والمرفوع مضموما، والمجرور مكسوراً ومخفوضا، والمجزوم موقوفًا، وبعضُ البصريين يجري على ذلك(١)، لما كانا يرجعان إلى معنى واحد.
  والتحقيق عند نُحاة البَصْرِيِّينَ أن يقال: كُلُّ رَفْعِ ضَمٌ، وليس كُلُّ ضَمْ رَفْعًا، وكُلُّ نَصب فتح، وليس كلُّ فَتح نَصْباً، وكُلُّ جَرِّ كسر، وليس كل كسر جرا، وكلُّ جزم وقف، وليس كلُّ وقف جزمًا. وإِنَّما وضعوا للمُعرَبِ ألقاب وللمبني ألقابا، ليُفَرِّقوا بين ما ينتقل من الحركات وبين ما لا ينتقل. وأصل البناء أن يكون ساكنا؛ لأنَّه ضد الإعراب، والإعراب بالحركات فوجب أن يكون البناء بالسكون.
  وكان شيخنا يقول: البناء: وقف، وفتح، وكسر وضم، [و](٢) يقول: بدأت بالوقف؛ لأنَّهُ الأصْلُ في المَبْنِيَّاتِ، كما بدأنا بالرَّفْعِ فِي المُعْرَبِ؛ لأنَّه الأصل في المعربات.
  فأما ما حُرِّكَ من الأمثلة المبنية فلعلة أو جبت تلك الحركة، وعن كل كلمة منها سؤالان فأحَدُهُما: لمَ حُرِّكَتْ والآخَرُ: لِمَ بُنيت على هذه الحركة؟ وسؤال ثالث جامع لهما ولغَيْرِهِما(٣): لِمَ بُنيت؟
  فأما (حَيْثُ) فإنَّما بُنيت؛ لأن معناها فيما أُضيفت(٤) إليه، كما أن (الذي) معناها في صلتها، فصار معناها في غيرها، فَأَشْبَهَتِ الحَرْفَ الَّذِي مَعْناهُ فِي
(١) انظر ما كتبه الدكتور عبد الخالق عضيمة في الحاشية رقم (٢): ١/ ١٤٢ من المقتضب.
(٢) تكملة من (ع).
(٣) في الأصل و (ع): (لها ولغيرها)، والصواب ما أثبته.
(٤) في (ع): (تضاف).