باب خبر المبتدأ
  خلفك، فحذف اسم الفاعل تخفيفا للعلم(١) به، وأقيم الظرف مقامه، فانتقل الضمير الذي كان في اسم الفاعل إلى الظرف، وارتفع ذلك الضمير بالظرف كما كان يرتفع باسم الفاعل، وموضع الظرف رفع بالمبتدأ، ولو قلت: زيد يوم الجمعة، أو نحو ذلك لم يجز ذلك(٢)؛ لأنَّ ظروف الزمان لا تكون أخباراً عن الجثث(٣)؛ لأنَّه لا فائدة في ذلك».
  اعلم أنَّ المكان والزمان لَمّا كانا يحيطان بالأشياء(٤)، والأشياء كلُّها حاصلة فيهما سميت الأمكنة والأزمنة / ظروفًا تشبيها بظروف المائعات والجامدات؛ لأنه محال أن يوجد فعل في غير مكان وزمان، وكذلك جسم أيضاً، فصارت الأمكنة والأزمنة ظروفاً لها.
  فأما ظرف المكان فإِنَّه يُخبر به عن أسماء الأعيان وعن أسماء الأحداث، تقول: زيد خلفك، والقتال خلفكَ. وإِنَّما صح الإخبار به عن العين والحدث؛ لأنَّ الشخص إذا وجد في مكان لم يوجد في ذلك الوقت وفي تلك الحال في مكان آخر، فصحت الفائدة به. وكذلك الحدث؛ لأن وجود الحدث في مكان يدلُّ على حصوله فيه دون غيره من ا الأمكنة، فصحت به الفائدة.
  فأما ظرف الزمان فإنَّه يكون خبراً عن الأحداث، نحو قولك: القتال الساعة، والصلاة يوم الجمعة. ولا يجوز أنْ يُخْبرَ به عن الأعيان وإِنَّما لم يجز؛ لأنَّ العين إذا أخبرت عنه بالزمان لا يدلُّ على عدمه في زمان، إذ كان طول الزمان على
(١) في (ع) و (مل): (وللعلم).
(٢) (ذلك): ليست في (مل).
(٣) في (مل): (الجثة).
(٤) في (ع): (بالأشياء كلها).