باب (كان) وأخواتها
  وقد يُقتصر في (دام) على الفاعل، فتقول: دامَ الرُّخْصُ بحمد الله، ودام الصلح، وأشباه ذلك.
  وهذه الأفعال ماضيها ومُستقبلها واسم فاعلها ومفعولها وأمثلة الأمر والنهي منها ومصدرها / يعمل عملاً واحداً إلا ما كان مُقْتَرِنا بحرف نفي فإِنَّه لا يصح الأمر به؛ لأنَّ الأمر لا يكون نفيا.
  فأما (لَيْسَ) فعِنْدَ صاحب (اللُّمَعِ) أَنَّها فعل، لأَنَّهَا مُخَفِّفَةٌ مِنْ (لَيسَ)(١)، مبنية على حالة واحدة، غير منصرِفَةٍ فلا يكون منها أمر ولا نهي ولا مصدرٌ ولا مستقبل. والذي كان يعتمدُهُ شَيْخُنا | وهو مذهب أبي علي الفارسي(٢) - أنها حرف ضد (كان)، فتعمل عمل (كان)، ألا ترى أنك تنفي(٣) بها الحال كما تُنْبِتُ بـ (كانَ) ما مضى. وقولهم بأنَّ الضمير قد يتصل(٤) بها على حد اتصاله بالفعل، فإنَّ ذلك لا يدلُّ على أنَّها فعل؛ لأنَّ الضمير قد يتصل بالاسم في نحو قوله تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩}(٥) ولكن اتصال الضمير بها على هذا الوجه أجراها مجرى الفعل حتى جاز تقديم خبرها على اسمها. واختلفوا في تقديم خبرها عليها نفسها(٦). وأكثرُهُمْ يُجيز تقديمه بدليل قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ}(٧) فقدَّمَ (يَوْمًا) وهو معمول الخبر(٨)،
(١) انظر اللسان (ليس)، والتبصرة ١/ ١٨٨ - ١٨٩، والصبان على الأشموني: ١/ ٣٣٠.
(٢) انظر ما سلف ص ١٥ الحاشية رقم (٤).
(٣) في الأصل: (تبقي)، وهو تصحيف، والتصويب من (ع).
(٤) في الأصل: (تصل)، وهو تصحيف، والتصويب من (ع).
(٥) الحاقة: (١٩).
(٦) في (ع): (على نفسها).
(٧) هود: (٨).
(٨) في (ع): (على الخبر) بإقحام (على).