البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب (كان) وأخواتها

صفحة 143 - الجزء 1

  وقد يُقتصر في (دام) على الفاعل، فتقول: دامَ الرُّخْصُ بحمد الله، ودام الصلح، وأشباه ذلك.

  وهذه الأفعال ماضيها ومُستقبلها واسم فاعلها ومفعولها وأمثلة الأمر والنهي منها ومصدرها / يعمل عملاً واحداً إلا ما كان مُقْتَرِنا بحرف نفي فإِنَّه لا يصح الأمر به؛ لأنَّ الأمر لا يكون نفيا.

  فأما (لَيْسَ) فعِنْدَ صاحب (اللُّمَعِ) أَنَّها فعل، لأَنَّهَا مُخَفِّفَةٌ مِنْ (لَيسَ)⁣(⁣١)، مبنية على حالة واحدة، غير منصرِفَةٍ فلا يكون منها أمر ولا نهي ولا مصدرٌ ولا مستقبل. والذي كان يعتمدُهُ شَيْخُنا | وهو مذهب أبي علي الفارسي⁣(⁣٢) - أنها حرف ضد (كان)، فتعمل عمل (كان)، ألا ترى أنك تنفي⁣(⁣٣) بها الحال كما تُنْبِتُ بـ (كانَ) ما مضى. وقولهم بأنَّ الضمير قد يتصل⁣(⁣٤) بها على حد اتصاله بالفعل، فإنَّ ذلك لا يدلُّ على أنَّها فعل؛ لأنَّ الضمير قد يتصل بالاسم في نحو قوله تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩}⁣(⁣٥) ولكن اتصال الضمير بها على هذا الوجه أجراها مجرى الفعل حتى جاز تقديم خبرها على اسمها. واختلفوا في تقديم خبرها عليها نفسها⁣(⁣٦). وأكثرُهُمْ يُجيز تقديمه بدليل قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ}⁣(⁣٧) فقدَّمَ (يَوْمًا) وهو معمول الخبر⁣(⁣٨)،


(١) انظر اللسان (ليس)، والتبصرة ١/ ١٨٨ - ١٨٩، والصبان على الأشموني: ١/ ٣٣٠.

(٢) انظر ما سلف ص ١٥ الحاشية رقم (٤).

(٣) في الأصل: (تبقي)، وهو تصحيف، والتصويب من (ع).

(٤) في الأصل: (تصل)، وهو تصحيف، والتصويب من (ع).

(٥) الحاقة: (١٩).

(٦) في (ع): (على نفسها).

(٧) هود: (٨).

(٨) في (ع): (على الخبر) بإقحام (على).