البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب (كان) وأخواتها

صفحة 170 - الجزء 1

  والثاني: أن تعطف على الضمير في الخبر /، والعطف على الضمير على ضربين: أحدهما: حَسَن، والآخَرُ: قَبيح، فالحسَنُ: أَنْ تُؤكد الضمير ثم تعطف عليه، فتقولُ: إِنَّ زَيْداً منطلق هو وعمرو، وإِنَّما لَزِمَكَ ذلكَ؛ لأنَّ الضمير ما دامَ مُسْتَتِراً فهو بمنزلة جُزْء من الفعل، ويَقْبُحُ عَطفُ الاسم على الفعل أو على ما يقوم مقامه. فإذا أكدت الضمير كُنْتَ قد عَطَفْت⁣(⁣١) اسما على اسم. ومثل ذلك قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}⁣(⁣٢) وَ {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ}⁣(⁣٣) وذلك كثير. وأما⁣(⁣٤) القبيح: فَأَنْ تَعْطِفَ من غير توكيد، وأكثر ما يجوز ذلك في الضرورات، نحو قول عُمر بن أبي ربيعة:

  ٤١ - قُلْتُ إِذْ أَقْبَلَتْ وَزُهْرٌ تَهادى ... كَنعَاجِ المَلا تَعَسَّفْنَ رَملا

  فإن قيل: فقوله تعالى: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}⁣(⁣٥) هَلْ يجوز أن يكون معطوفا على الضمير في الخبر.

  قيل له: يجوز ذلك من حيث إن طول الكلام قد قام مقام الضميرِ فَلَمْ يُحْتَج إليه. وتستوي (إِنَّ) و (لكنَّ) في العطف على معنى الابتداء. ولا يصح أن تعطف على موضع الابتداء مع (لَيْتَ) و (لَعَلَّ) و (كَأَنَّ)؛ وذلك لأنَّ الكلام قد خرج عن


(١) من (ع) في الأصل: (عطف) وهو تحريف.

(٢) البقرة: (٣٥)، والأعراف: (١٩).

(٣) الأعراف: (٢٧).

(٤) في (ع): (فأما).

٤١ - البيت من الخفيف وهو في ملحقات ديوانه: ٤٩٠، وانظر سيبويه: ١/ ٣٩٠، والخصائص: ٢/ ٣٨٦، والإنصاف: ٢/ ٤٧٥، وشرح المفصل: ٣/ ٧٦، وشرح الكافية الشافية: ٣/ ١٢٤٥، والمقاصد: ٤/ ١٦١. وصدره في الإنصاف: ٤٧٧، وشرح المفصل: ٣/ ٧٤.

(٥) التوبة: (٣).