باب (لا) في النفي
  الأصل وهو الفتحة في حال النصب، فإذا قلت: لا رَجُلَ في الدارِ، فالاسم مع (لا) في تقدير مبتدأ، و (في الدارِ) خبر عنهما(١)، وإنما صح ذلك؛ لأنَّ الجملة خبرية تحتمل الصدق والكذب.
  فإن قال قائل: فَلِمَ احتاجوا إلى هذا التقدير وأن يُلزموا النكرة هذا الحرف؟
  قيل له: لَمّا كانَ قولُهُمْ: هلْ مِنْ رَجُلٍ في الدّارِ يدلُّ على العموم احتاجوا أن يأتوا بجواب يدل على الاستغراق؛ ليكون الجواب على قدر السؤال، وليس ذلك(٢) إلا في النكرات الشائعة، وكان التَّقديرُ: لا مِنْ رَجُل، ولكنَّهُمْ حذفوا الحرف تخفيفا. وعند بعضهم: أنَّهم لَمّا حذفوا الحرف وصل (لا) إلى / الاسم فنصبه.
  قال: «فإن فصلت بينهما بطل عملها، تقول: لا لك غلام، ولا عندَكَ جارية. قال الله تعالى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ}(٣) فإنْ كانت النكرة مضافةً أو موصولة انتصبَتْ نَصْبًا صريحًا، تقولُ: لا غُلامَ رَجُلٍ لَكَ وَلَا خَيْرًا مِنْ زَيد عندك(٤)».
  اعلم أنه قد مضى أنَّ (لا) إِنَّما تَعْمَلُ في النَّكرة ما دامت تليها فإذا فُرق بينها وبينها بشيء بطل عملها، وإذا بطل عملها عادت الجملة إلى ما كانت تستحق(٥) في الأصل، وهو الابتداء والخبر، فيكون (الغلام) مرفوعاً بالابتداء، وخبره حرف الجر مع ما بعده، و (لا) دَخَلَتْ نافيةً، ولمْ تَعْمَلْ لِنُقصانِ عَمَلِهَا إِذا
(١) في الأصل: (عنها)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٢) في الأصل: (كذلك)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٣) الصافات: (٤٧).
(٤) «قال الله تعالى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ} ... ولا خير من زيد عندك»: ساقط من (ع) و (مل).
(٥) في (ع): (تستحقه).