البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب (لا) في النفي

صفحة 175 - الجزء 1

  الأصل وهو الفتحة في حال النصب، فإذا قلت: لا رَجُلَ في الدارِ، فالاسم مع (لا) في تقدير مبتدأ، و (في الدارِ) خبر عنهما⁣(⁣١)، وإنما صح ذلك؛ لأنَّ الجملة خبرية تحتمل الصدق والكذب.

  فإن قال قائل: فَلِمَ احتاجوا إلى هذا التقدير وأن يُلزموا النكرة هذا الحرف؟

  قيل له: لَمّا كانَ قولُهُمْ: هلْ مِنْ رَجُلٍ في الدّارِ يدلُّ على العموم احتاجوا أن يأتوا بجواب يدل على الاستغراق؛ ليكون الجواب على قدر السؤال، وليس ذلك⁣(⁣٢) إلا في النكرات الشائعة، وكان التَّقديرُ: لا مِنْ رَجُل، ولكنَّهُمْ حذفوا الحرف تخفيفا. وعند بعضهم: أنَّهم لَمّا حذفوا الحرف وصل (لا) إلى / الاسم فنصبه.

  قال: «فإن فصلت بينهما بطل عملها، تقول: لا لك غلام، ولا عندَكَ جارية. قال الله تعالى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ}⁣(⁣٣) فإنْ كانت النكرة مضافةً أو موصولة انتصبَتْ نَصْبًا صريحًا، تقولُ: لا غُلامَ رَجُلٍ لَكَ وَلَا خَيْرًا مِنْ زَيد عندك⁣(⁣٤)».

  اعلم أنه قد مضى أنَّ (لا) إِنَّما تَعْمَلُ في النَّكرة ما دامت تليها فإذا فُرق بينها وبينها بشيء بطل عملها، وإذا بطل عملها عادت الجملة إلى ما كانت تستحق⁣(⁣٥) في الأصل، وهو الابتداء والخبر، فيكون (الغلام) مرفوعاً بالابتداء، وخبره حرف الجر مع ما بعده، و (لا) دَخَلَتْ نافيةً، ولمْ تَعْمَلْ لِنُقصانِ عَمَلِهَا إِذا


(١) في الأصل: (عنها)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٢) في الأصل: (كذلك)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٣) الصافات: (٤٧).

(٤) «قال الله تعالى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ} ... ولا خير من زيد عندك»: ساقط من (ع) و (مل).

(٥) في (ع): (تستحقه).