البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب المفعول المطلق وهو المصدر

صفحة 189 - الجزء 1

  /اعلم أنه تقدم أن المصدر يتعدى إليه كل فعل، ويعمل فيه النصب، سواء كان الفعل لازماً أو⁣(⁣١) متعديًا، وذلك أن الفعل لا ينصب شيئًا إلا وفي الفعل دليل عليه، فإذا قُلْتَ (قامَ) فَفي (قامَ) دليل على أنه فعل قياما، فعديت الفعل إليه، سواء⁣(⁣٢) كان هذا القيام نكرةً أو⁣(⁣٣) معرفةً؛ إذ لا فرق بينهما في تعدي⁣(⁣٤) الفعل إليهما، ودلالته عليهما، وكذلك يعمل فيما كان ضرباً مما دل عليه، نحو: (القُرفصاء) و (الصَّمَاءِ)؛ لأنَّ (القُرْفُصاءَ)⁣(⁣٥) وإِنْ لَمْ يكُن مصدراً، فإنَّ المصدر يشتمل عليه؛ لأنَّ القُعود فيه القُرْفُصاءُ وغيره. فكأنَا قُلْنَا: فَعَدَ قُعوداً، فصار ذلك ضَرْبًا من فعله الذي أخذ منه. وكان (أبو العباس مُحَمَّدُ بنُ يَزِيدَ)⁣(⁣٦) يقولُ: إِنَّ المراد به قعد القعدةَ القُرْفُصاءَ، واشْتَمَلَ الاشتمالة التي تُعْرَفُ بِالصَّمّاء، وكذلك بقية أخواتها، فيكونُ (الصَّمّاءُ) و (القُرْفُصاءُ) ألقابا للمصادر. وعلى ذلك فقس سائرها.

  قال: «وما أضيف إلى المصدر مما هو وصف له في المعنى بمنزلة المصدر، تقول: سرتُ أَشَدَّ السَّيْرِ، وصُمْتُ أَحْسَنَ الصَّيامِ فَتَنْصِبُ (أَشَدَّ) و (أَحْسَنَ) نصب المصادر».

  اعلم أنَّ أَفْعَلَ لا يُضافُ⁣(⁣٧) إلا⁣(⁣٨) إلى ما هو بعْضُهُ، ألا ترى أَنَّكَ لا تقولُ:


(١) انظر ص ١٩ الحاشية رقم (٢).

(٢) في (ع): (وسواء).

(٣) انظر ص ١٩ الحاشية رقم (٢).

(٤) في (ع): (تعد) بحذف الياء من الخط.، من النطق في الوصل لالتقاء الساكنين.

(٥) في (ع): (فالقرفصاء).

(٦) لم أقف على قوله هذا في المقتضب، انظر شرح الكافية للرضي: ١/ ١١٥.

(٧) في (ع): (لا تضيفه).

(٨) (إلا) ساقطة من (ع).