باب المفعول المطلق وهو المصدر
  /اعلم أنه تقدم أن المصدر يتعدى إليه كل فعل، ويعمل فيه النصب، سواء كان الفعل لازماً أو(١) متعديًا، وذلك أن الفعل لا ينصب شيئًا إلا وفي الفعل دليل عليه، فإذا قُلْتَ (قامَ) فَفي (قامَ) دليل على أنه فعل قياما، فعديت الفعل إليه، سواء(٢) كان هذا القيام نكرةً أو(٣) معرفةً؛ إذ لا فرق بينهما في تعدي(٤) الفعل إليهما، ودلالته عليهما، وكذلك يعمل فيما كان ضرباً مما دل عليه، نحو: (القُرفصاء) و (الصَّمَاءِ)؛ لأنَّ (القُرْفُصاءَ)(٥) وإِنْ لَمْ يكُن مصدراً، فإنَّ المصدر يشتمل عليه؛ لأنَّ القُعود فيه القُرْفُصاءُ وغيره. فكأنَا قُلْنَا: فَعَدَ قُعوداً، فصار ذلك ضَرْبًا من فعله الذي أخذ منه. وكان (أبو العباس مُحَمَّدُ بنُ يَزِيدَ)(٦) يقولُ: إِنَّ المراد به قعد القعدةَ القُرْفُصاءَ، واشْتَمَلَ الاشتمالة التي تُعْرَفُ بِالصَّمّاء، وكذلك بقية أخواتها، فيكونُ (الصَّمّاءُ) و (القُرْفُصاءُ) ألقابا للمصادر. وعلى ذلك فقس سائرها.
  قال: «وما أضيف إلى المصدر مما هو وصف له في المعنى بمنزلة المصدر، تقول: سرتُ أَشَدَّ السَّيْرِ، وصُمْتُ أَحْسَنَ الصَّيامِ فَتَنْصِبُ (أَشَدَّ) و (أَحْسَنَ) نصب المصادر».
  اعلم أنَّ أَفْعَلَ لا يُضافُ(٧) إلا(٨) إلى ما هو بعْضُهُ، ألا ترى أَنَّكَ لا تقولُ:
(١) انظر ص ١٩ الحاشية رقم (٢).
(٢) في (ع): (وسواء).
(٣) انظر ص ١٩ الحاشية رقم (٢).
(٤) في (ع): (تعد) بحذف الياء من الخط.، من النطق في الوصل لالتقاء الساكنين.
(٥) في (ع): (فالقرفصاء).
(٦) لم أقف على قوله هذا في المقتضب، انظر شرح الكافية للرضي: ١/ ١١٥.
(٧) في (ع): (لا تضيفه).
(٨) (إلا) ساقطة من (ع).