باب المفعول به
  ذهَبَتِ الفائدة رأسًا؛ لأنَّ الشَّك واليقينَ إِنَّما هو في الخبر لا في المبتدأ. ألا ترى أَنَّكَ إِذا قُلْتَ: عَلِمْتُ زَيْداً مُنْطَلِقًا، فالعِلْمُ إِنَّما هو في الانطلاق لا في زَيْد؛ لأنَّ زيداً معلوم في القديم. وإِنَّما اعترض اليقين في الانطلاق الذي تحدَّدَ لَهُ، قال الله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ}(١) فالعلمُ إِنَّما تحدد بإيمانهنَّ؛ لأَنَّهُنَّ كُنَّ معروفات. ولكل واحد من هذه الأفعال معنى فَـ (ظَنَنْتُ)، و (خِلْتُ)، و (حسبتُ) شَكٍّ. و (عَلِمْتُ)، و (وَجَدْتُ)، و (رَأَيْتُ) إِذا لَمْ تُرِدْ إِدْراكَ البَصَرِ، بمعنى واحد وهو العلم. و (زَعَمْتُ) يصلُحُ أن يكون شكا، ويصلح أن يكون يقينا. وقد تجيءُ (ظَنَنْتُ) بمعنى (عَلِمْتُ)، نحو قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ}(٢) أي: يعلمون. وقال الشاعر(٣):
  ٥٧ - فَقُلْتُ لَهُمْ ظُنُّوا بِأَلْفَيْ مُدَجَّج ... سَرَاتُهُم في الفارسي المُسَرَّدِ
  وقد تجيءُ (خلت) بمعنى (عَرَفْتُ)، فَتَتَعَدّى إلى مفعول واحد، تقولُ: خِلتُ السحابة، أي عرفتها. فأما (عَلِمْتُ) فالأَصلُ فيها ما ذكرناه، وقد يكون بمعنى (عَرَفتُ)، نحو قوله تعالى: {لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ}(٤) فأما (وَجَدْتُ)
(١) الممتحنة: (١٠).
(٢) البقرة: (٤٦).
(٣) هو دريد بن الصمة.
٥٧ - البيت من الطويل. من قصيدة يرثي بها أخاه عبد الله. وهو في ديوانه: ٤٧، والأصمعيات: ١٠٧ برواية (علانية ظنوا بالفي ...)، وشرح الحماسة للمرزوقي: ٢/ ٨١٢، والجمل للزجاجي: ٢٠٨، والمحتسب: ٢/ ٣٤٢، وابن يعيش: ٧/ ٨١، واللسان: (ظَنَّ). المدجج: الفارس التام السلاح. سراتهم: أشرفهم، والفارسي: يريد الدرع الفارسي، وهي درع مشهورة بمتانتها. المسرد: المثقب.
(٤) الأنفال: (٦٠).