الفصل الثاني نظرة في الكتاب
  الصفة وفي التوكيد، فقال قوم: العامل في التابع هو العامل في المتبوع، وإنما عمل في التابع بتوسط المتبوع، وهذا قول أصحاب سيبويه. وعند الأخفش أن العامل في التابع كونه وصفًا أو توكيداً أو بدلاً لمرفوع أو منصوب أو مجرور فيكون العامل معنوياً لا لفظيا. وعنده أن البدل والمبدل جملتان، لأن العامل في هذه الجملة غير العامل في هذه الجملة، واستدل بقوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} قال: فظهور اللام مع (من) وهي بدل من (الذين) يدل على أنها من جملة أخرى. وعند أصحاب سيبويه أن ظهور العامل على طريق التوكيد؛ لأن العامل قد يتكرر في الشيء الواحد مرتين توكيداً. فإذا كان كذلك لم يكن ظهور اللام دليلاً على أنها جملة أخرى» (٢٨٨ وما بعدها).
  وبعد عرضه لرأي سيبويه في الواو والياء والألف في الأفعال الخمسة يقول: «وكان أبو عثمان المازني يقول: هي حروف تدل على التثنية والجمع والتأنيث، والضمير مستتر في الفعل كما أنك إذا قلت: زيد قام فالضمير مستتر، فكذلك إذا قلت: الزيدان قاما فالضمير مستتر بحاله والألف تدل على التثنية. وهذا ليس بصحيح؛ لأن النحويين أجمعوا أن قولنا: أقوم للمخبر عن نفسه ضميره مستتر فيه، وقولنا: قمتُ، التاء هي الاسم، وهي متصلة به، فإذا جاز أن يكون ذلك للمتكلم جاز أن يكون مثله للغائب إذا قلت: هو يفعل، كان ضميره مستترا، فإذا قلت: يفعلان ظهر الضمير في الألف واتصل بالفعل، وكذلك يفعلون للجماعة. فأما الياء فالدليل على أنها ضمير المؤنث أنها تسقط. مع ضمير التثنية، فإذا قلت: الهندان، تضربان فإنما سقطت؛ لئلا يجتمع ضميران في كلمة واحدة ...» (٤٢١ وما بعدها)(١).
(١) وانظر أيضاً: ٤٠٣ وما بعدها، ٤٢٧ وما بعدها، ٤٣٣، ٤٥٠، ٥٤٥ وما بعدها.