الفصل الثاني نظرة في الكتاب
  ثالثًا: عرض آرائهم وأقوالهم وترجيح بعضها:
  فمن ذلك قوله بعد عرضه لاختلافهم في (إِيّا) وما بعدها: «واعلم أن الاختلاف في هذا الاسم إنما كان من حيث أن المضمر لا يُضاف، وقد مضى بيانه؛ لأن الشيء لا يضمر إلا بعد تحققه وإزالة الإشكال، والإضافة تحدث تعريفا وتخصيصا لم يكن، فلما ثبت أن المضمر لا يضاف اشتبه ما وقع بعد (إيا). والذي يقوى في نفسي في هذه الكلمة أنها ليست بمضمر في الحقيقة بل أقيمت مقام المضمر على ما ذهب إليه السيرافي، ويكون ما بعدها موضعه مجرور بالإضافة بمنزلة الكاف في (غلامك)، والهاء في غلامه وأشباه ذلك». (٣٣٩).
  ولما تحدث عن (إذما) قال: «فأما (إذ) فكانت لما مضى من الزمان، فلما صحبها (ما) دلّت على الاستقبال، وهذا يدلك على صحة التغيير. وسيبويه يجعلها حرفًا لتغير معناها، وحُكي عن بعض النحويين أن (إذما) هي (إما) أقيمت مقامها: لأن (ما) لا يكاد يأتي بعدها فعل إلا بالنون، نحو قوله تعالى: {إِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ} و {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} و {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} فلما كانت النون تكسر الشعر جُعِلَ مكانها. (إذما). فهذا يدلك على أنها حرف كما قال سيبويه. (٤٤٨).
  رابعا: عرض آرائهم وأقوالهم وترجيح بعضها معتمداً على ترجيح شيخه أو على كونها رأيا لأبي عليّ الفارسي:
  فمن ذلك أنه حين يذكر (ليس) وهي على مذهب ابن جني فعل وعلى مذهب أبي علي حرف نجده يدافع عن مذهب أبي علي في حرفيتها. قال: «وكذلك (ليس) هي على مذهبه فعل (١٣) أي على مذهب ابن جني، ثم يقول بعد ذلك: فإن قال قائل: فإن (ليس) عند أبي علي حرف، وهي مسندة إلى الضمير