البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب / حتى

صفحة 263 - الجزء 1

  وقد يجوز أن يُحذف الفعلُ بعدها، فتقولُ: ضَرَبْتُ القومَ حتى زيداً. ولما ذكرناه جاءَ في البيت:

  ... ... ... حَتَّى نَعْلَهُ أَلْقاها

  ومن جعل (حتى) حرف عطف جعلَ (أَلْقاها) مُؤكِّدا، لما أَخْبَرْتُكَ، فلا بدَّ أن يكون ما بعدها من جنس ما قبلها؛ لأنَّ العطف إِنَّما هو إشراك الثّاني في الأوَّلِ، ولا يَصحُ اخْتِلافُهُما. فإن قيل: فإِنَّ النَّعْلَ لَيْسَ من الزَّادِ. قيل له: العرب تتزَوَّدُ النَّعْلَ، كما تتزَوَّدُ غيرها، وتُسَمّي زاداً كُلَّما تحتاج إليه في السفرِ.

  وقد تقع الجمل الخبريَّة⁣(⁣١) بَعْدَ (حَتّى)، فتكونُ (حتى) مبتدأةً مقطوعةً من أول الكلام، ويكون ما بعدها يرتفع على الابتداء والخبر بمنزلة (أما)، تقول: ضَرَبتُ القَوْمَ / حتى زيد مضروب، وسَرَّحْتُ⁣(⁣٢) القَوْمَ حَتَّى زيدٌ غَضْبَانُ. قال امْرُؤ القيس:

  ٨٩ - سرَيْتُ بِهِمْ حَتَّى تَكِلُّ سُرَاتُهُمْ ... وَحَتى الجيادُ مَا يُقَدِّنَ بِأَرْسان

  فـ (حَتَّى) هاهنا لا يجوز أن تكون حرف عطف لدخول الواو عليها، ولا جارة، لان الجارةَ إِنَّما تقع بعدها الأسماء المفردة، ولا تقعُ الجُمَلُ بعدها فَعَلِمَ أنَّ


(١) في الأصل: (الجرية) وهو تصحيف وتحريف، والتصويب من (ع).

(٢) في (ع): (شرحت)، وهو تصحيف.

٨٩ - البيت من الطويل.

وهو في ديوانه: ٩٣ وانظر سيبويه: ١/ ٤١٧، ٢/ ٢٠٣، ومعاني القرآن للفراء: ١/ ١٣٣، والمقتضب: ٢/ ٣٩، والجمل: ٧٨، والتبصرة: ١/ ٤٢٠، وأمالي المرتضى: ١/ ٥٨٢، والمخصص: ١٤/ ١٦، وابن يعيش: ٥/ ٧٩، ٨/ ١٩، والمغني: ١٣٦، ١٣٨، واللسان: (غزا) و (مطى) وصدره في الهمع: ٢/ ١٣٦. وعجزه في الإيضاح: ٢٥٧، ٣١٧، وابن يعيش: ٨/ ١٥.