باب العطف وهو النسق
  يكون الكلامُ بها قط إلا استفهاما، سواءٌ وَقَعَتْ بعد ألف الاستفهام أم بعد الخبر.
  فإِذا وَقَعَتْ بَعْدَ الاستفهام كان معناها على تقدير (أيهما) أو(١) (أَيْهِمْ)، ويُسمى هذا الموضعُ التَّسْوِيَةَ والمعادلة. وإنَّما يكون هذا الكلامُ مِمَّنْ قَدْ عَرَفَ / وقوع أحد الأمرين ولا يَعْرِفُهُ بعينه فهُوَ يَسْتَخْبرُ من المسؤول ويستدعي تعيين ما أشكل عليه؛ لأنَّ في ظنّهِ أنَّ المخاطَبَ عندهُ عِلْمُ أحَدِهِما فيقولُ: أَزِيدٌ عندَكَ أَمْ عمرو، ألقيت زيداً أم عمراً، وعلى هذا يأتي جميعُهُ. فَـ (أَمْ) تقعُ مُعادِلَةٌ للهَمْزَةٍ، أَوْ مُسَويَةً(٢) في الاستخبار بين زيد وعمرو، والأحسَنُ في هذا الباب أن يكون الاسم هو الذي يلي الهمزة، نحو قولك: أزيد عندَكَ أم عمرو، ولو قلت: أعندَكَ زيد أم عمرو لكان جائزاً، ولكن ليس بمنزلة: أَزَيدٌ عندَكَ أَمْ عَمْرُو؛ لأنَّ الاسم إِذا ولي الهمزة صار بمنزلة قولك: أم عمرو، فَكَما وَلِي الاسم الثاني لـ (أم) كذلك ينبغي أن يلي الاسمُ الأوَّلُ للهمزة؛ لأنَّ (عند) ليس بمنزلة (عمرو). فإن قال قائل: فإذا كُنتَ تُقَدِّرُ (أَمْ) على (أَيْهِما)، فَهَلاً(٣) وَقَع الاسْتِخْبارُ بِـ (أيهما)، وتركت الهمزة و (أم)؛ لأن في ذلك طولاً؟
  قيل له: لا يمتنع أن يكون للمعنى الواحد عبارتان إحداهما: مُخْتَصرَةٌ. والأخرى: تامةٌ، فيُؤتى(٤) في موضع بالمختصر، وفي موضع بالتام، وذلك عادة العرب على حسب قَصْدِهَا مِنَ الإِيجاز والإِسْهَابِ.
(١) في (ع): (وأيهم) بالواو.
(٢) في الأصل: (ومستوية)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٣) في الأصل: (فهذا)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٤) في (ع): (فتاتي).