البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب العطف وهو النسق

صفحة 309 - الجزء 1

  يكون الكلامُ بها قط إلا استفهاما، سواءٌ وَقَعَتْ بعد ألف الاستفهام أم بعد الخبر.

  فإِذا وَقَعَتْ بَعْدَ الاستفهام كان معناها على تقدير (أيهما) أو⁣(⁣١) (أَيْهِمْ)، ويُسمى هذا الموضعُ التَّسْوِيَةَ والمعادلة. وإنَّما يكون هذا الكلامُ مِمَّنْ قَدْ عَرَفَ / وقوع أحد الأمرين ولا يَعْرِفُهُ بعينه فهُوَ يَسْتَخْبرُ من المسؤول ويستدعي تعيين ما أشكل عليه؛ لأنَّ في ظنّهِ أنَّ المخاطَبَ عندهُ عِلْمُ أحَدِهِما فيقولُ: أَزِيدٌ عندَكَ أَمْ عمرو، ألقيت زيداً أم عمراً، وعلى هذا يأتي جميعُهُ. فَـ (أَمْ) تقعُ مُعادِلَةٌ للهَمْزَةٍ، أَوْ مُسَويَةً⁣(⁣٢) في الاستخبار بين زيد وعمرو، والأحسَنُ في هذا الباب أن يكون الاسم هو الذي يلي الهمزة، نحو قولك: أزيد عندَكَ أم عمرو، ولو قلت: أعندَكَ زيد أم عمرو لكان جائزاً، ولكن ليس بمنزلة: أَزَيدٌ عندَكَ أَمْ عَمْرُو؛ لأنَّ الاسم إِذا ولي الهمزة صار بمنزلة قولك: أم عمرو، فَكَما وَلِي الاسم الثاني لـ (أم) كذلك ينبغي أن يلي الاسمُ الأوَّلُ للهمزة؛ لأنَّ (عند) ليس بمنزلة (عمرو). فإن قال قائل: فإذا كُنتَ تُقَدِّرُ (أَمْ) على (أَيْهِما)، فَهَلاً⁣(⁣٣) وَقَع الاسْتِخْبارُ بِـ (أيهما)، وتركت الهمزة و (أم)؛ لأن في ذلك طولاً؟

  قيل له: لا يمتنع أن يكون للمعنى الواحد عبارتان إحداهما: مُخْتَصرَةٌ. والأخرى: تامةٌ، فيُؤتى⁣(⁣٤) في موضع بالمختصر، وفي موضع بالتام، وذلك عادة العرب على حسب قَصْدِهَا مِنَ الإِيجاز والإِسْهَابِ.


(١) في (ع): (وأيهم) بالواو.

(٢) في الأصل: (ومستوية)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٣) في الأصل: (فهذا)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٤) في (ع): (فتاتي).