باب العطف وهو النسق
  الفعل معها حدرًا من توالي الحركات فأَجْرَوْها مَجْرى ما لَمْ يَبْرُزُ له صورة.
  فأما ما يُطولُ الكلام فنحو قوله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا}(١) فَـ (آباؤنا) معطوف على النون في (أَشْرَكْنا) ولم تُؤكَّد، ولكن لما دخلت (لا) طال الكلامُ بها، وكذلك(٢) قوله تعالى: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}(٣) على مذهب من عطف (رَسولَهُ) على الضمير في اسم الفاعل. والبصريون يُجيزون العطف على الضمير المرفوع المتصل في ضرورة الشعر، نحو ما أنشده من بيت عُمَرَ بن أبي ربيعة.
  فأما الكوفيون فيُجيزون العطف في هذا الباب بغير توكيد على كُلِّ / حال ولا فصل عندهم بين الشعر وغيره، بعِلَّةٍ أَنَّهُ عطفُ اسم على اسم، سواءٌ ظَهَرَ أو لم يظهر، ويُنشدون قول جرير:
  ١٠٣ - ورجا الأُخَيْطِلُ مِنْ سَفَاهَةِ رَأيهِ ... مالَمْ يَكُنْ وَأَبٌ لَهُ لِيَنالا
  عطف (أب) على الضمير في (يَكُن)(٤).
  قال: فإن كان المضمَرُ(٥) منصوبًا حَسُنَ العَطف عليه، تقولُ: رأيتُكَ وَمُحَمَّدًا. فإن كان المضمَرُ(٥) مجروراً لم تعطف عليه إلا لَمْ
(١) الأنعام: (١٤٨). في الأصل و (ع): (وقال الذين أشركوا ...) وهو وهم.
(٢) في الأصل (وذلك)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٣) التوبة: (٣).
١٠٣ - البيت من الكامل. وهو في ديوانه: ٣٦٢، وانظر الإنصاف: ٢/ ٤٧٦، والمقرب: ١/ ٢٣٤، وشرح الكافية الشافية: ٣/ ١٢٤٥، والمقاصد: ٤/ ١٦٠، والأشموني: ٣/ ١١٤، والتصريح: ٢/ ١٥١. وعجزه في أوضح المسالك: ٣/ ٣٩٠.
(٤) في (مل) زيادة: (من غير توكيد).
(٥) في (ع): (الضمير).