باب العطف وهو النسق
  لصاحبه: ما فعل الثّوب أو الفرس(١) يعني الذي يعهدانه. وقد يكون الشيء بحضرة اثنين ليس بينهما فيه عهد، فإذا أراد أحدهما إخبار / صاحبه عنه قال له: هذا الشيء، فيتوصل بـ (هذا) إلى تعريف الحاضر، ولهذا نقول: إنَّ المبهم لا يوصف إلا بما فيه الألف واللام؛ لهذا المعنى، ولولا ذلك لما احتاج المبهم إلى صفة؛ لأنه لا يُشارك غيره فيحتاج أن يُميز عنه بصفةٍ.
  فأما ما فيه الألف واللام فإنَّه يتعرف بها تعريف العهد كرجل ألقى إليك ثوباً أو درهما ثم قال لك: أعطني الدرهم أو الثوب وإِنَّما يقصد ما ألقاه إليك دون غيره. ولو قال قائل: جاءَنِي الرَّجُلُ وَأَكْرَمْتُ(٢) الرَّجُل، كان المكرم هو الجائي، ولو قال: وأَكْرَمْتُ(٣) رَجُلاً، كان غيره، وكذلك لو قال: جَاءَنِي رَجُلٌ فَأَكْرَمْتُ رَجُلاً، كان الثاني غير الأول. وفي قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٥ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٦}(٤) إِنَّ العُسر الأول هو الثاني، واليُسْر الثاني غير الأول، وَرُوِيَ عن (عبد الله بن عباس): «لَنْ يَغْلِبَ عُسر يسرين»(٥).
  وقد تجيء الألف واللام لتعريف الحضور وقد بيناه.
  وتدخل زائدة دخولها كخروجها نحو قولهم: «أَرْسَلَها العراك»(٦)، أي تعترك؛ لأن العراك ينتصب على الحال في هذا الموضع، والحال نكرة فلا يدخل عليها الألف واللام إلا زائدة. ومنهم من يقول: هو معرفة إلا أنه موضوع موضع
(١) في (ع): (والفرس) بالواو.
(٢) في (ع): (فأكرمت).
(٣) في (ع): (فأكرمت).
(٤) الانشراح: (٥)، (٦). في كلتا النسختين سقطت الفاء من أول الآية (٥)، وفي (ع) سقطت الآية (٦).
(٥) انظر القول في معاني القرآن للفراء: ٣/ ٢٧٥.
(٦) تقدم القول في ص ٢٢٢.