البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب إعراب الأفعال وبنائها

صفحة 421 - الجزء 1

  وهي متصلة به، فإذا جاز أن يكون ذلك للمتكلّم جاز أن يكون مثله للغائب إذا قلت: هُوَ يَفْعَلُ، كان ضميره مستتراً، فإذا قلت: يَفْعَلانِ، ظهر الضمير في الألف واتصل بالفعل، وكذلك (يَفْعَلُونَ) للجماعة. فأما الياء⁣(⁣١) فالدليل على أنّها ضمير المؤنث أنّها تسقط مع ضمير التثنية، فإذا⁣(⁣٢) قلت: الهِنْدانِ تَضْرِبان⁣(⁣٣)، فإنّما⁣(⁣٤) سقطت؛ لئلا يجتمع ضميران في كلمة واحدة. فإن قال: إنها سقطت لالتقاء الساكنين. قيل له: كان ينبغي أن تُحَرَّكَ كما حُرِّكَتِ التّاء بالكسر في: قامَتِ المَرْأَةُ، أو تُحَرَّكَ بالفتح، كما قالوا: قامَنا وَقَعَدَتا، فلما سقطت دلّ على أنها للضمير⁣(⁣٥). فإن قال قائل: فهذا الفعل مضارع معرب فأين حرف الإعراب منه؟

  قيل له: ليس فيه حرف إعراب وذلك أن حرف الإعراب من قولنا: يَضْرِبانِ كان الباء⁣(⁣٦)، وقد اتصل الضمير بها وفُتِحَتْ لأجل الألف إتباعا لفتحته، وصار الفعل مع الضمير كالشيء الواحد، فلا يجوز أن تكون اللام حرف إعراب لما ذكرنا؛ لأن حرف الإعراب يكون طرفاً، ولا يجوز أن تكون الألف حرف إعراب؛ لأنها على حرف واحد⁣(⁣٧)، / وحرف الإعراب إنما يكون آخر حرف في المعرب، فلما ضَعُفَت لم تُجْعَلْ حرف إعراب، ولا يجوز أن تكون النون حرف إعراب


(١) في (ع): (التاء)، وهو تصحيف.

(٢) في (ع): (إذا) بدون الفاء.

(٣) المثال لا يصح التمثيل به في هذا الموضع، والصحيح أن يقول: «أنتما تضربان»؛ لأن قوله: «الهندان تضربان»، تثنية: «هند تضرب»، ولاياء في مفرده أما قوله: «هما تضربان» فتثنية «أنت تضربين».

(٤) في (ع): (وإنما).

(٥) في (ع): (على أنها الضمير).

(٦) في الأصل: (الياء) وفي (ع): (التاء) وهما تصحيف.

(٧) مراده أن الألف ضمير، فلما كان على حرف واحد لم يكن من الممكن أن يكون ضميراً وحرف إعراب في آن واحد.