البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب إعراب الأفعال وبنائها

صفحة 422 - الجزء 1

  لسقوطها في النصب والجزم؛ لأن حرف الإعراب لا يسقط في الجزم إذا كان متحركا، وإنما تسقط الحركة أو حرف ساكن قام مقام الحركة. فأما المتحرك فلا يسقط ألبتّةَ.

  فإن قال قائل: قد زعمتم أن إثبات النّون علامة الرفع وحذفها علامة النصب والجزم، وهذا إعراب، فكيف يجوز أن يدخل الإعراب في كلمة ليس لها حرف إعراب، ومثل هذا غير موجود في الأصول؟

  قيل له: لما كان هذا الفعل مضارعاً معرباً غير مبني، وكل معرب يستحق إعراباً، جاؤوا بالنون بعد الفعل تدلّ على الإعراب لما لم يُمكن أن يكون في نفس الكلمة لما بينا من اتصال اللام بالضمير وكون الضمير على حرف واحد لا يقوم بنفسه، وقد فعلت العرب نظير هذا في الأسماء الظاهرة، من ذلك قولهم: هذا حَبُّ رُماني، فأضاف إلى الرمان وهو لا يملكه إنّما يملك الحب ولكن أضاف إلى الرمان لما كان الحب مضافًا إليه والمضاف والمضاف إليه عندهم كالشيء الواحد، فإذا جاز أن تأتي ياء [الإضافة بعد] المضاف جاز أن تأتي النون بعد [الفعل، وهذا] واضح. وَكُسِرَتِ النّون [في] التثنية تشبيها بنون الأسماء. في التثنية [وفتحت مع ضمير] الجماعة [تشبيها بنون الجمع] في الأسماء، وسقطت في الجزم. قال (سيبَوَيْهِ): لأنّ الجزم⁣(⁣١) أبداً يُسقط الحركة. وأيضًا [فإنّها أشبهت] حرف⁣(⁣٢) العلة لما فيها من الغُنَّة، فلمّا كانت حروف العلة تثبت في الرفع و {النُّصُبِ} وتسقط في الجزم، فكذلك⁣(⁣٣) النّون، وَحُمِلَ النصب على الجزم


(١) في (ع): (الجازم).

(٢) في (ع): (حروف).

(٣) في (ع): (وكذلك).