باب الشرط وجوابه
  أحدهما بالعمل أولى من الآخر. وحكي ع عن ن (أبي عثمان المازني)(١) أن فعل المجازاة مبني على السكون مع (إنْ)، قال: لأنّ هذه الأفعال لم تقع موقع الأسماء. وليس بمعرج عليه عند النحويين.
  واعلم أن من حكم الشرط والجزاء أن يكون فعلاً مستقبلاً؛ ولهذا إذا دخلت (إن) على فعل ماض نقلته إلى الاستقبال كما أن (لَمْ) إذا دخلت على فعل مستقبل نقلته إلى الماضي فعلى هذا يجوز أن تقول: إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَعَلْتُ، كما تقول: إِنْ فَعَلْتَ فَعَلْتُ. فإن قال قائل: كيف يجوز أن تدخل (إن) على (لم) وكلاهما حرف جزم ونحن نمنع أن يدخل حرف جرّ على حرف جر وكذلك ينبغي في حروف الجزم؛ لأن الجزم في الأفعال بمنزلة الجرّ في الأسماء. قيل له: لما اختصت (لَمْ) بدخولها على الأفعال المسْتَقْبَلَةِ تَنَزَّلت منزلة حرف من الفعل؛ فلهذا جاز دخول (إن) عليها.
  واعلم أن الأسماء التي يُجازى بها قد تكون تارةً في موضع رفع، وتارةً في موضع نصب. فإذا كانت في موضع نصب كان العامل فيها ما بعدها من فعل الشرط دون فعل الجزاء؛ لأنّه هو الذي يليها، تقول: مَنْ تَضْرِب(٢) أَضْرِبْ، ف (مَنْ) موضعها نصب بـ (تَضْرِب)(٢) ولا يجوز تقديم الناصب عليه؛ لأنّ (مَنْ) في الاستفهام والجزاء لها صدر الكلام على ما مضى.
  وكذلك: ما تَفْعَلْ أَفْعَلْ على هذا التقدير. وأيُّ النّاسِ / تُكرم أكرم، بمثابته. فأما قولك: مَنْ يَقُمْ أَقُمْ مَعَهُ، فـ (مَنْ) رفع بالابتداء، وما بعدها من الجملة خبر لها، وإنما قدرت بالمرفوع؛ لأنها هي الفاعلة لـ (يقم)، وفاعل (يقم) راجع إليها، وأنت إذا قدمت الفاعل على فعله كان رفعا بالابتداء نحو قولك: زَيْدٌ ضَرَبَ وعَمْرُو خرج، ما أشبه ذلك، وكذلك إن قلت: مَنْ تَضْرِبُهُ أَضْرِبُهُ، كان (مَنْ) رفعا
(١) انظر شرح الكافية للرضي: ٢/ ٢٥٤، وشرح المفصل لابن يعيش: ٧/ ٤٢.
(٢) في الأصل و (ع): (يضرب) بالياء، وهو تصحيف.