باب الشرط وجوابه
  مَعَكَ. وأما الفاء فيرتفع الفعل بعدها، نحو قوله سبحانه: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}(١) وقال تعالى: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ١٣}(٢) وإنّما جيء بالفاء في جواب الشرط توصلاً / إلى المجازاة بالجملة المركبة من المبتدأ والخبر».
  اعلم أن الذي أوجب دخول الفاء في جواب الشرط هو أن الجزاء شيء مضمون فعله عقيب الشرط، و (إنْ) هي التي تربط الشرط بالجزاء، وتؤثر فيهما(٣) الجزم على ما مر تفسيره، وكان من حق الجزاء أن لا يقع إلا بلفظ الفعل المستقبل، إلا أنهم احتاجوا أن يجازوا بالجملة الاسمية، وحرف الشرط غير عامل فيها، ولا داخل عليها فأتوا بالفاء؛ ليقوى بها (إنْ) ويصل بها إلى العمل في التقدير دون اللفظ واختاروا الفاء دون الواو و (ثُمَّ)؛ لأنّ الفاء توجب التعقيب من غير تراخ ولا مُهْلَةٍ، ولهذا إذا قال لزوجته، إن دخلت الدار فأنت طالق، طَلقَت عند الدخول(٤)، وليس كذلك الواو؛ لأنّها لا تفيد التعقيب وإنّما تفيد الجمع، وأما (ثُمَّ) فإنّها تفيد التعقيب مع المهلة والتراخي، تقول: إِنْ تَزُرْني فَأَنْتَ مُكْرَم، فما بعد الفاء من الجملة في موضع جزم والتقدير: إِنْ تَزُرْني أُكْرِمْكَ. وقد يُحذف المبتدأ بعد الفاء للدلالة عليه وللعلم به، تقول: مَنْ يَأْتِنِي فَمَحْبو، أي: فَهُوَ مَحْبُو، فحذفت (هو) للدلالة عليه، وقد أقاموا (إذا) التي بمعنى المفاجأة مقام الفاء؛ لأن الشرط هجم بهم على الجزاء فكأنّه فاجَأَهُ وأثاره، من ذلك قوله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ
(١) المائدة: (٩٥).
(٢) الجن: (٦٣).
(٣) في (ع): (فيها)، وهو تحريف.
(٤) في (ع): (حين الدخول).