باب الشرط وجوابه
  قال: «وقد حذف الشرط وأقيمت أشياء مقامه دالة عليه، وتلك الأشياء: الأمر والنهي، والاستفهام، والتمني، والدعاء، والعرض، تقول: في الأمر: زرني أزرك، وفي النهي: لا تَفْعَلِ الشَّرَّ تَنْجُ، وفي الاستفهام: أَيْنَ بَيْتُكَ أزرك، وفي التمني: لَيْتَ لي مالاً أَنْفِقْهُ، وفي الدعاء: اللَّهُمُ ارْزُقْنِي بَعِيرًا أَحُجَّ عليه، وفي العرض: أَلا تَنْزِلْ تُصب خَيْراً. تجزم هذا كله؛ لأن فيه معنى الشرط ألا ترى أن المعنى: إِنْ تَزُرْني أَزُرْكَ، قال الله سبحانه وتعالى: {فَهَبْ(١) لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ٥ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ}(٢) يُقْرَأُ جزمًا ورفعا (يَرِثْني) وَ (يَرِثُني)(٣) فَمَنْ جزم؛ فلانه جواب الدعاء، ومَنْ رفع جعله وصفا لـ (ولي)، تقديره: وَلَيًّا وارِثًا».
  اعلم أن حرف الشرط على ثلاثة أضرب:
  مرة يبرز إلى اللفظ، نحو قولك: إِنْ تَضْرِب أَضْرِب. ومرة يقوم مقامه اسم، نحو قولك: مَنْ تَضْرِبُ أَضْرِبْ. وقد مضى ذكر هذين الضربين.
  ومرة يضمر حرف الشرط فلا يظهر، وذلك إذا كان في الكلام ما يدل عليه، وإنما أضمر حرف الشرط فيما عَدَدَهُ من هذه الستة؛ لأنها غير واجبة، ولا مستقرة، كما أن الشرط والجزاء غير واجب ولا مستقر، ولهذا صح إضمار حرف الشرط، فإذا قلت: ايتني آتِكَ، فالتقدير: ايتني فإنّك إِنْ تَأْتِني آتك. وكذلك:
(١) في الأصل: (هَبْ) بإسقاط (الفاء)، والتصويب من (ع).
(٢) مريم: (٥)، (٦).
(٣) قرأ أبو عمرو والكسائي (يرثني ويرث) بالجزم، وقرأ باقي العشرة بالرفع. انظر السبعة ٤٠٧ والنشر: ٢/ ٣١٧، والبدور الزاهرة: ١٩٥.