البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب التعجب

صفحة 459 - الجزء 1

  إن مخلوقاته ومصنوعاته دلت على عظمته فصارت كالمعظمة له في أنفس المكلفين فيصح هذا التقدير. الثاني: أن يُقَدَّرَ شيء عظم الله، ويُعنى به ذاته؛ لأنه هو الذي عَظَمَ نَفْسَهُ. ومنها أن الألفاظ المستعملة على معان فينا إذا أُجْرِيَت⁣(⁣١) على الله تعالى جرت على ما يليق به، فيكون قولنا: ما أعظمه بمنزلة الإخبار منا أنه عظيم، ولا يُقدر شيء. عَظَمَهُ.

  وعند الكوفيين⁣(⁣٢) أَنْ (أَحْسَنَ) اسم بمنزلة (أَفْعَل) التفضيل إلا أنّه بُني على الفتح لخفّة الفتحة، واحتجوا بتصغيره في قولهم: ما أُمَيْلَحَ زَيْدا، قالوا: والأفعال لا تُصَغَرُ.

  والجواب عنه: أن التصغير لحق الفعل والمراد به المصدر كما / أُضيف⁣(⁣٣) إلى الفعل والمراد به المصدر، نحو قوله تعالى: {يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ ٣٥}⁣(⁣٤) تقديره - والله أعلم - يَوْمُ لا نطق. ونظير ذلك دخول ألفات الوصل في الاسم⁣(⁣٥)، نحو: اسم، وابن وامرئ وأخواتها لما دخلها النقص الذي لا يوجد إلا في الأفعال، والأفعال مخصوصة به، دخلت⁣(⁣٦) عليها ألف الوصل لذلك.

  واحتجوا أيضاً بقولهم: ما أَقومَ زَيْدًا، وما أَقُولَهُ لِلْحَقِّ، وما أَبْيَعَهُ، فصحة الواو والياء يدل على أنها اسم؛ لأن الفعل لا يصح فيه ذلك؛ لأنك تقول: أَقامَ يُقيم، وقال يقول، ولا تقول⁣(⁣٧): أَقومَ يُقوم، ولا أقول يُقولُ.


(١) في الأصل: (أحرمت) وهو تحريف، والتصويب من (ع).

(٢) انظر الإنصاف المسألة رقم (١٥): ١/ ١٢٦، والأمالي لابن الشجري: ٢/ ١٢٩.

(٣) في (ع): (أضفنا).

(٤) المرسلات: (٣٥).

(٥) في (ع): (الأسماء).

(٦) في (ع): (فدخلت).

(٧) في الأصل: (ولا تقل)، وأثبت ما في (ع) لأنه يناسب ما قبله.