باب التعجب
  إن مخلوقاته ومصنوعاته دلت على عظمته فصارت كالمعظمة له في أنفس المكلفين فيصح هذا التقدير. الثاني: أن يُقَدَّرَ شيء عظم الله، ويُعنى به ذاته؛ لأنه هو الذي عَظَمَ نَفْسَهُ. ومنها أن الألفاظ المستعملة على معان فينا إذا أُجْرِيَت(١) على الله تعالى جرت على ما يليق به، فيكون قولنا: ما أعظمه بمنزلة الإخبار منا أنه عظيم، ولا يُقدر شيء. عَظَمَهُ.
  وعند الكوفيين(٢) أَنْ (أَحْسَنَ) اسم بمنزلة (أَفْعَل) التفضيل إلا أنّه بُني على الفتح لخفّة الفتحة، واحتجوا بتصغيره في قولهم: ما أُمَيْلَحَ زَيْدا، قالوا: والأفعال لا تُصَغَرُ.
  والجواب عنه: أن التصغير لحق الفعل والمراد به المصدر كما / أُضيف(٣) إلى الفعل والمراد به المصدر، نحو قوله تعالى: {يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ ٣٥}(٤) تقديره - والله أعلم - يَوْمُ لا نطق. ونظير ذلك دخول ألفات الوصل في الاسم(٥)، نحو: اسم، وابن وامرئ وأخواتها لما دخلها النقص الذي لا يوجد إلا في الأفعال، والأفعال مخصوصة به، دخلت(٦) عليها ألف الوصل لذلك.
  واحتجوا أيضاً بقولهم: ما أَقومَ زَيْدًا، وما أَقُولَهُ لِلْحَقِّ، وما أَبْيَعَهُ، فصحة الواو والياء يدل على أنها اسم؛ لأن الفعل لا يصح فيه ذلك؛ لأنك تقول: أَقامَ يُقيم، وقال يقول، ولا تقول(٧): أَقومَ يُقوم، ولا أقول يُقولُ.
(١) في الأصل: (أحرمت) وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٢) انظر الإنصاف المسألة رقم (١٥): ١/ ١٢٦، والأمالي لابن الشجري: ٢/ ١٢٩.
(٣) في (ع): (أضفنا).
(٤) المرسلات: (٣٥).
(٥) في (ع): (الأسماء).
(٦) في (ع): (فدخلت).
(٧) في الأصل: (ولا تقل)، وأثبت ما في (ع) لأنه يناسب ما قبله.