باب معرفة ما ينصرف ومالا ينصرف
  فانقلبت همزة، نحو: (صَحْراءَ، وَحَمْراءَ، وأصدقاءَ، وَأَنْبَياءَ، وَضُعَفَاءَ، وَشُرَكَاءَ). فكلُّ اسم وقعت فيه واحدة من ألفي التأنيث فإنه لا ينصرف معرفة ولا نكرة. وإنّما لم ينصرف نكرة؛ لأنه مؤنث وتأنيثه لازم فكان فيه تأنيثين.
  اعلم أن الألف المقصورة إذا وقعت رابعة على ضربين: ضرب يكون للتأنيث نحو (دُنْيا، وحُبلى، وسكرى، وحُبارى، وجُمادى) فهذه الأسماء لا تنصرف معرفة ولا نكرة، ولا مصغرة ولا مكبرة. والعلة في ذلك أن التأنيث لزم هذه الأسماء لزوماً لا ينفك عنها حتى صارت الألف كأنّها من نفس الكلمة، والدليل على ذلك أنك تُكسر الاسم عليها، فتقول في جمع (حُبلى): (حُبالي) و (سكرى): (سُکاري)، كما تقول في جمع (مسجد): (مَساجِدُ)، و (مُصْحَفِ): (مصاحفُ). وليست كهاء التأنيث التي تسقط في التكسير، نحو قولنا: في (قصعة): (قصاع)، و (جَفْنَةٍ): (جفان). فلما لزمت هذه الألف جعل لزومها کتأنيث آخر، فصارت العلة مقام علّتين، وتتنزّل منزلة تكرير التأنيث / فيه دفعتين.
  والضرب الآخر أن تقع زائدة لغير التأنيث كألف (أرطى، وَحَبَنْطى)(١)، وأشباه ذلك. فهذا الضرب ينصرف في النكرة ولا ينصرف في المعرفة: وإنما لم ينصرف في المعرفة؛ لأنّ هذه الألف أشبهت ألف التأنيث بزيادتها رابعة، وامتناع(٢) دخول الهاء عليها، كما امتنع أن تدخل على ألف التأنيث، فَجعلت(٣) كالتأنيث الواحد، فإذا انضم إليها التعريف لم تنصرف.
(١) «الأرطى: شجر ينبت بالرمل ... واحدته أرطاة» انظر اللسان: (أرط). «رجل حبنطى ... : أي ممتلى غيا أو بطنة» اللسان: (حبط).
(٢) في (ع): (ولا متناع).
(٣) في الأصل: (أن تدخل على ألف التأنيث فجعلت) مكررة.