البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الموصول والصلة

صفحة 592 - الجزء 1

  للأسماء الموصولة. ولابد في جميع ذلك من ضمير يرجع إلى الموصول، إما ظاهراً، وإما مضمراً مقدراً، فإذا قلت: ضَرَبْتُ الَّذي في الدار، فالتقدير: الذي استقر في الدار، فحذف (اسْتَقَرَّ)، وانتقل الضمير إلى الظرف، فناب عن الفعل.

  وقوله: «لا يجوز تقديم الصّلة ولا شيء منها على الموصول؛ لأن الصلة بمنزلة الدال من (زيد)، فكما لا يجوز تقديم الدال على الزاي⁣(⁣١) كذلك لا يجوز تقديم الصلة على الموصول.

  وإنما لا تكون الصّلة إلا جملة خبريّة، تحتمل الصدق والكذب دون بقية الجمل من الأمر والنهي، والاستفهام؛ لأنك إذا قلت: (الذي) أثبت موصوفًا، فإذا وصلت بالأمر والنهي والاستفهام فكأنك قد نقضت ما ابتدأت به؛ لأنّ هذه الأشياء لا تصح ملازمتها. وإنما لم تعمل الصّلة في الموصول ولا في شيء قبله؛ لما قدمنا أنها بمنزلة الدال من (زيد)، وبعض الاسم لا يعمل في بعض.

  قال: «وتقول: الذي قام أخوه زيد، والذي أخوه زيد أخوك، ومررتُ بالذي في الدار، والتقدير: مررتُ بالذي استقر في الدار، فَحُذف الفعل وأقيم الظرف مقامه، فانتقل إليه ضميره. وتقول: جاءني مَنْ غُلامُهُ زيد وَرَأَيْتُ ما رأَيْتَهُ، ونظرت إلى القائم أخوه، أي إلى⁣(⁣٢) الذي قام أخوه، وعجبت من الجالسة أخته، أي من الذي جَلَسَتْ أخته، قال الله سبحانه: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا}⁣(⁣٣) أي: التي ظلم أهلها. وتقول: لأضْرِبَنَّ أَيُّهُم قام صاحبه أي: الذي قام صاحبه».


(١) في الأصل: (الراء)، وهو وهم، والتصويب من (ع).

(٢) (إلى): ساقطة من (ع).

(٣) النساء: (٥٧).