باب الموصول والصلة
  اعلم أنه قد مضى الفرق بين هذه الأسماء. واعلم أن (ما، ومَنْ وَأَيَّا) يكن للمجازاة والاستفهام، ويكن موصولات فأما (الذي) فلا تكون إلا للصلة(١). فمثال وقوع (من) في المجازاة قولهم: مَنْ تَضْرِب أَضْرِب، فـ (مَنْ) منصوبة بـ (تضرب). ومثال وقوعها في الاستفهام قولهم: مَنْ زَيَّدٌ؟ فـ (زَيدٌ)(٢) مبتدأ، و (مَنْ) خبر مقدم عليه(٣)، وإنما تقدمت؛ لأن الاستفهام له صدر / الكلام في اللفظ، وإن كان المعنى لا يقتضيه، ألا ترى أن قولنا: مَنْ ضربت؟ أنَّ (مَنْ) منصوبة بـ (ضربت)، وهي معمولة له، ومقدمة عليه في اللفظ. فأما وقوعها في الصلة فإنّها تقع على الواحد، والاثنين، والجميع، والمذكر والمؤنث، وتوصل بالفعل والفاعل، والمبتدأ والخبر والظرف وحرف الجر. فأما لفظها فواحد مذكر، ومعناها(٤) يحتمل ما قدمناه، فمما(٥) جاء على اللفظ قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ}(٦) و {مِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ}(٧). ومما جاء على المعنى قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}(٨) وقوله تعالى: {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ}(٩)، ومما جاء مؤنثا قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا}(١٠) فقال تعالى (يَقْنُتْ)(١١) على لفظ (مَنْ)، قال (وَتَعْمَل) مؤنثا على المعنى،
(١) في (ع): (صلة)، وهو تحريف.
(٢) في (ع): (فمن مبتدأ ...) وهو وهم.
(٣) (عليه): ليست في (ع).
(٤) في (ع): (ومعناه)، وهو وهم.
(٥) في الأصل: (فما)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٦) الأنعام: (٢٥)، محمد: (١٦).
(٧) يونس: (٤٣).
(٨) يونس: (٤٢).
(٩) الأنبياء: (٨٢).
(١٠) الأحزاب: (٣١). وفي (ع): (تَقْنُتْ) بالتاء، وهو تصحيف.
(١١) في (ع): (تَقْنُتْ) بالتاء، وهو وهم.