البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الموصول والصلة

صفحة 597 - الجزء 1

  الموصول مع الصلة بمنزلة اسم واحد على ما بَيَّنَّاه. فكما لا يُفصل بين حروف الاسم بالأجنبي، كذلك لا يُفْصَلُ بين الموصول والصّلة. كذلك لا يجوز أن تُقدم على الموصول شيئًا عمل فيه عامل من الصلة؛ لأنّ رُتْبَتَهُ أن يكون مؤخراً، فتقديمه⁣(⁣١) يُخْرِجُهُ عن حده. فكما لا يجوز تقديم الصلة على الموصول، لا يجوز تقديم شيء يتعلق بالصلة على الموصول. فأما الاستفهام، والأمر والنهي، فقد مضى أنه لا يجوز أن تقع صلات للموصول، وذكرنا علة ذلك فأغنى عن إعادته.

  قال: «وكذلك لو قلت: الذي يَوم الجمعة زيد، لم يجز، لأن ظروف الزمان لا تكون صلات للجثث، كما لا تكون أخباراً عن الجثث. ولكن تقول: عجبت من القيام الذي يوم الجمعة؛ لأنّ ظروف الزمان تكون صلات للأحداث، كما تكون أخباراً عنها».

  اعلم أنه قد مضى في باب خبر المبتدأ أن ظروف الزمان لا تكون أخباراً عن الجثث؛ لأن ذلك لا يفيد، فكذلك⁣(⁣٢) لا تكون صلات لجثث؛ لأن الصلة إخبار⁣(⁣٣) عن الموصول، فلا فرق بين الصلة والخبر. ومضى أيضًا أن ظروف الزمان تكون أخباراً عن الأحداث، نحو قولنا: القتالُ يَوْمَ الجُمعة، والمَسيرُ بَعْدَ العَصْر، وما أشبه ذلك⁣(⁣٤). فلذلك جاز أن تقع ظروف الزمان للأحداث، لأن مبنى الكلام على الفائدة، فما⁣(⁣٥) أفاد صح، وما لم يُفد لم يصح.

  قال: «وتقول: ضربت الذي قامَ غُلامُهُ زَيْدٌ، وإن شئت: زيدا، وإِن شئت


(١) في (ع): (فتقديمه عليه ...).

(٢) في (ع): (وكذلك).

(٣) في الأصل: (لان الصلة إخباراً) بالنصب، وهو خطأ، والتصويب من (ع).

(٤) انظر ما سلف ص ١٠٩ وما بعدها.

(٥) في الأصل: (فأما)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).