الفصل الثالث توثيق الكتاب
  للناقة الضامر(١): حرف، لدقتها وهزالها. وقوله: «جاء لِمَعْنى» فلقائل أن يقول: إنَّ الاسم والفعل أيضا جاءا المعنى. فالجواب عن ذلك أن المراد به جاء لمعنى في غيره(٢).
  والاسم(٣) والفعل جاءا لمعان في أنفسهما ألا ترى أنا إذا قلنا: (إنسان) كان عبارة عن شخص حي ناطق، وإذا قلنا: (فرس)، كان عبارة عن حيوان له صهيل، وغير ذلك من الأوصاف. والحروف معانيها ليست في أنْفُسِها وإِنَّما معانيها في غيرها، نحو قولنا (مِنْ) ألا ترى أنَّه ليس تحت هذه اللفظة معنى فإذا قُلْتَ: أَخَذْتُ من الشَّيْء دلَّ على التَّبعيض. وكذلك سائر الحروف في النفي والإثبات وغير ذلك.
  قال أبو الفتح: «فالاسم ما حَسُنَ فيه حرف من حروف الجر، وكان عبارة عن شخص. فحرف الجر نحو قولك: من زيد، وإلى عمرو. وكونه عبارة عن شخص، نحو قولك: هذا رجل، وهذه امرأة».
  اعْلَمْ أَنَّ الكلام لما كان مؤتَلِفًا في ثلاثة أشياء، وهي: الاسم والفعل والحرف وضعوا لكل واحدة منهن حداً، تتميّز(٤) به من الأخرى، لئلا يشتبه
(١) في (ع): (ضامرة) بالتاء، وكلاهما صحيح، قال صاحب لسان العرب: «وجمل ضامر وناقة ضامر، بغير هاء أيضاً، ذهبوا إلى النسب، وضامرة». / اللسان (ضمر).
(٢) إنما جاء الحرف ليعبر عن علاقة بين المجرور والمشتق أو بين الشرط والجواب ... الخ فالمجرور يتعلق بالمشتق بواسطة الحرف فيسمى متعلقا، ويسمى المشتق مُتَعَلَّقًا.
فالعلاقة هي معنى الحرف، وهي تربط بين لفظين ليس الحرف أحدهما ولذلك كان المعنى في غيره.
وبهذا يكون مفتقراً إلى غيره؛ لأن معناه لا يتحقق عند الإفراد.
(٣) في الأصل: (فالاسم)، وما أثبته من (ع).
(٤) في (ع): (تميز).