البيان في شرح اللمع لابن جني،

عمر الكوفي أبو البركات (المتوفى: 539 هـ)

باب الإمالة

صفحة 709 - الجزء 1

  فأما (بَلَى) فأمالوها لما ذكر، وكذلك أمالوا (يا)⁣(⁣١) في النداء لأجل الياء فيها وإنابتها عن الفعل والفاعل.

  وجميع الأسماء المبنيّة لا تُمالُ؛ لأنّها محلقة بالحروف في عدم الاشتقاق، وفي منع التصرف. فإن قيل: قد⁣(⁣٢) أمالوا (ذا) فما الفرق بينه وبين (ما)، وهل هما على سواء؟

  قيل له: (ما) أشدّ إبهاما وأقرب إلى الحروف؛ لأنها تكون للجحد وتقع زائدة، وتجيء للاستفهام، والجزاء، وبمعنى (الذي) فتحتاج إلى صلة فَأُجْرِيَت مجرى الحروف بخلاف (ذا) فإنها لا تكون إلا للإشارة.

  وقد أمالوا (أني) لكونه اسماً.

  وأمالوا حروف المعجم، نحو: با، تا، ثا؛ لأنّها أسماء ما تلفظ به.

  قال: «وقد أمالوا بعض الكلام على غير قياس، قالوا: عندي ناس، وقالوا: العجاج، والحجاج⁣(⁣٣)، وذلك لكثرة الاستعمال لا غير».

  اعلم أن التفخيم في هذه الأسماء أحسن وأكثر إذْ ليس فيها ما يوجب الإمالة. وأيضا فإنّ كلّ مُمال يجوز أن يُفَخّم، وليس كل مفخّم يجوز أن يُمال، فعلمت أن التفخيم أحسن. والّذي سَوَّغَ الإمالة في هذه الأسماء عند بعض العرب أنهم قد أمالوا (مالاً، وبابا)⁣(⁣٤).

  وأيضا فإن (العجاج، والحجاج) لما كانا اسمين علمين وكثرا في الاستعمال والكلام استجيز فيهما ذلك للكثرة.


(١) في (ع): (... لما ذكروا لذلك أمالوا يا)، وهو تحريف.

(٢) في (ع): (فقد).

(٣) في (مل) زيادة: (فأمالوهما مادام علمين).

(٤) في (ع): (أمالوا مال وباب) على الحكاية.