باب الإعراب والبناء
  لأنهما مُشَبَّهان بالفاعل. ورفع الفعل؛ لأنه وقع موقع الاسم، نحو قولنا: زيد يَخْرُجُ، تَقْدِيرُهُ: زَيْد خارج، وكذلك في [ابتداء](١) القول / تقول: يَخْرِجُ زيد، ثم تقول (زيد) في موضع (يخْرُجُ). ونصب الأسماء لوقوعها فضلة في الكلام أو مُشَبَّهَةً بفضلة. فما كان فضلةً فالمفعولات(٢) الخمسة. وما كان مُشَبَّها بفضلة فالتمييز، والاستثناء، والحال، وخَبَرُ (كان)، واسم (إن)، وإِنَّما اسْتَحَقَّتْ هذه الأسماء النَّصْبَ؛ لأنها جاءت فضلة على الكلام بعد تمامه، فأُعْطَيَتْ النَّصْبَ الذي هو فضلةٌ على الرفع. وأما نصب الافعال فلوقوعها بعد (أن) أو (لن) أو (كي) أو (إذا)، أو في موضع أضمر فيه (أنْ). وإنَّما نُصبت الأفعال بعد هذه الحروف؛ لأنها لم تقع موقع الأسماء فتُرْفَعُ، ولم تَنْقُل ثقل الفعل المجزوم فتجزم، فلم يبق(٣) غير النَّصب فنُصبت.
  وأما الجرُّ فلا يدخل الأفعال؛ لأنَّ الجرَّ إِنَّما(٤) يكون بحروف لا يحسنُ دخولها على الأفعال، أو بإضافة، والإضافة لا تجوز في الأفعال. وأيضًا فإِنَّ الجرَّ يتبعه التنوين، والتَّنْوينُ إنَّما يكون في الأسماء لخفتها، والأفعال ثقيلة(٥) فلا يدخلها جر ولا تنوين. وإنَّما امتنع الجزم من الأسماء لتَمَكَّنها ولحاقِ التَّنْوين لها،
(١) من (ع)، لم أتبين ما هي في الأصل.
(٢) في الأصل: (المفعولان)، وهو تحريف، والتصويب من (ع).
(٣) في (ع): (فلم يكن لها غير النصب).
(٤) قوله: (إنما) ساقط من (ع).
(٥) قوله (الأفعال ثقيلة) أي من حيث كونها ثوان على الأسماء في الرتبة اللغوية. ولا يفهم من قولهم الأسماء أوائل والأفعال ثوان أن الأسماء أسبق في الظهور من الأفعال بل المقصود بهذا أن الأفعال ثوان على الأسماء في الرتبة اللغوية؛ لأن اللغة نظام. ولما كان الاسم يدل على الحدث، والفعل يدل على الحدث المقترن بالزمان كان الاسم أكثر تجريداً من الفعل ويحتاج إلى جهد أقل لمعرفته، فلذلك قالوا الأفعال ثوان على الأسماء.