كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الأفعال المتعدية

صفحة 111 - الجزء 1

  زيد عمرًا درهما، وأعلم زيد عمرًا بكرًا قادمًا.

  فصل: وأمَّا لم سُمّي مُتعديًا؟ فلتعديه إلى المفعول، وعلمه به ودلالته عليه. ولم يجئ في الأصل له، وإنما جاء للفاعل كما قدمنا، ثم قوي على المفعول فعمل به عمل المتعدي فيما ليس له، ولذلك كان المفعول فضلة في الكلام يجوز الإتيان به، ويجوز تركه والفاعل لازم لا بد منه، ولا يخلو الفعل من فاعل، وقد يخلو من المفعول.

  فصل: وهو ينقسم على ثلاثة أقسام: مُتعدٍ إلى واحد، ومُتعدٍ إلى اثنين، ومُتعدٍ إلى ثلاثة فالمتعدي إلى واحد أفعال الحواس الخمس التي هي: السمع والبصر، والشم والذوق، واللمس، وما شاكلها، وذلك مثل قولك: سمعتُ المنادي وأبصرتُ الهلال، وذقت العمل وشممتُ الريحان، ولمستُ الثوب. والمتعدي إلى اثنين ينقسم قسمين:

  أحدهما: داخل على المبتدأ وخبره وهي عشرة أفعال: ظننتُ، وحسبتُ، وخلت، وعلمتُ، وزعمتُ ووجدت وتحققت وتيقنت ورأيت بمعنى علمت وجعلت بمعنى صيَّرت وما لاقى هذه الأفعال في المعنى أو تصرف منها عمل عملها، مثال إعمالها في المفعولين: ظننتُ زيدًا قائمًا وحسبتُ عبد الله عالما، وعلمتُ أخاك منطلقا، وكذلك الباقي، قال الشاعر: (كامل)⁣(⁣١)

  إنَّ التي زعمت فؤادك مَلَّها ... جُعِلَت هَواك كما جُعَلْتَ هَوًى لَهَا

  وإنما قلنا إنَّ هذا النوع داخل على المبتدأ وخبره؛ لأن المفعولين قبل دخول الفعل كانا مرفوعين على الابتداء والخبر، ألا ترى أنه يجوز لك أن تقول: زيد عالم، ثم تقول: ظننتُ زيدًا عالمًا، ولا يجوز الاقتصار على أحد هذين المفعولين؛ لأنك لو حذفت الأول فقلت: ظننتُ عالمًا لم تسند الخبر إلى مخبر عنه، ولو حذفت الثاني فقلت: ظننت زيدا، لم يكن في الكلام فائدة فيجوز طرحهما جميعا نحو:


(١) البيت منسوب لعروة بن أذينة انظر: أمالي المرتضى: ١/ ٤١١.