كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الأفعال المتعدية

صفحة 112 - الجزء 1

  ظننتُ، لأن الفعل قد استند إلى فاعله ولا يجوز طرح أحدهما.

  القسم الثاني من المُتعدي إلى اثنين غير داخل على المبتدأ وخبره، وهو كل فعل كان مفعوله الأول غير الثاني، نحو: أعطيتُ زيدًا درهما، وكسوتُ عمرًا جُبَّة، وأوليتُ بكرًا خيرًا. وربما جاء أحد مفعولي هذا النوع مجرورًا بحرف جرّ يجوز حذفه، من نحو: شكرت زيدًا معروفه وشكرتُ لزيد معروفه، وكلت زيدًا الطعام، وكلت لزيد الطعام، ووزنته زينًا، ووزنتُ له زينًا وأمرته الخير، وأمرته بالخير. قال الشاعر: (بسيط)

  أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ... فقد تركتك ذا مالٍ وذا نشب⁣(⁣١)

  ومثله استغفرت الله ذنبي، واستغفرته من ذنبي، واخترت الرجال عمرًا، واخترت من الرجال عمرًا، قال الله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا}⁣[الأعراف: ١٥٥] أي من قومه، وهذا النوع لا يُضبط إلا بالسماع، ويجوز الاقتصار على أحد المفعولين، ويجوز حذفهما.

  والمتعدي إلى ثلاثة سبعة أفعال أعلم وأرى، وأخبر، وأنبئ، ونبأ، وخبّر، وحدث، أربعة معها همزة النقل، وثلاثة جاءت بتضعيف العين، وأصلها المتعدي إلى اثنين، مثال إعمالها: أعلم زيد عمرًا محمدًا خير الناس، وأرى النعيم أخاك وجهك حسنًا، وكذلك الباقي. ويجوز طرح الثلاثة المفعولين، ويجوز الاقتصار على الأول نحو: أعلم زيد عمرًا، ولا يجوز الاقتصار على الثاني دون الثالث؛ لأنهما من باب المبتدأ أو خبره، وأصلها من المتعدي إلى اثنين. فإن بنيت هذه الأفعال لِمَا لَمْ يُسم فاعله نقصت رتبة وصار المتعدي إلى واحد لازما، والمتعدي إلى اثنين، واحد والمتعدي إلى ثلاثة إلى رتبتين قال الشاعر: (طويل)

  وخبرت سوداء القلوب مريضة ... فأقبلت من مصر إليها أعودها⁣(⁣٢)


(١) البيت منسوب إلى عمرو بن معد يكرب الزبيدي، انظر: الكتاب: ١/ ١٧.

(٢) البيت للعوام بن عقبة، انظر: شرح ديوان الحماسة جـ ٢، ٣/ ١٤١٤.