باب الأفعال المتعدية
  فصل: وأحكامه ثلاثة، واجب وجائز وممتنع. فالواجب إعمال المتعدي إلى واحد فيه، مقدمًا، مثل: ضرب زيد عمرًا، وضربَ عمرًا زيد، ومؤخرًا مثل: عمرًا ضربتُ ومحذوفًا مثل: ناقة الله وصيغة الله والتقدير احذروا ناقة الله وارعوها، والزموا صيغة الله واتبعوها ولقوته على العمل محذوفًا فصار أقوى الأفعال بلا بد، وكذلك المتعدي إلى اثنين ليس أحدهما الآخر، يجب إعمال الفعل فيهما متوسطا ومقدما، ومؤخرًا مثال الجميع: أعطيتُ زيدًا درهما، وزيدًا أعطيتُ درهما، وزيدًا درهما أعطيت، لا يجوز غيره. وكذلك المتعدي إلى ثلاثة. مثل: أعلمتُ زيدًا محمدا خير الناس، وزيدًا أعلمتُ محمدًا خير الناس زيدًا محمدًا أعلمتُ خير الناس، وزيدًا محمدًا خير الناس أعلمت ومن الواجب أن ظننت إذا ذكرت أحد مفعوليها وجب ذكر الآخر، وكذلك إذا ذكرت مفعول أعلمت الثاني، وجب ذكر الثالث للعلة التي قدمنا.
  وأما الجائز، فيجوز طرح المفعولين من جميع الأنواع ويجوز ذكرهما مثل: ضربت وضربت زيدًا وظننتُ وظننتُ زيدًا، وأعطيتُ وأعطيتُ زيدا درهما، وأعطيتُ زيدا، وأعطيتُ درهما ذكرهما غاية البيان وتركهما غاية الإبهام وذكر أحدهما وترك الآخر توسط بين البيان والإبهام، وتقول: أعلمتُ وأعلمت زيدًا وأعلمت زيدًا عمرًا قائمًا ومتى توسطت ظننتُ وأخواتها بين المفعولين جاز وجهان: إلغاؤها، وإعمالها، نحو: زيدًا ظننتُ عالمًا، وزيد ظننتُ عالم. والإعمال أجود لقربها من رتبتها التي تعمل فيها وجوبًا وهي التقدم، فإن أخرتها جاز أيضًا وجهان:
  أحدهما: الإلغاء لبعدها من رتبتها ولإتيانها بعد استبداد المبتدأ بخبره، وذلك نحو: زيد عالمٌ ظننت وزيدًا عالمًا ظننت. ويجوز رد هذا النوع خاصة إلى النفس، تقول: ظننتني وحسبتني وأريتني، ووجدتني، قال تعالى: {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ٧}[العلق ٧] تقديره أن رأى نفسه، لاستغنى، قال الشاعر: (طويل)