كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب عمل اسم الفاعل واسم المفعول

صفحة 117 - الجزء 1

  وقال آخر في فعل: (كامل)

  حذر أمورًا لا تضيرُ وآمن ... ما ليس منجيه من الأقدار⁣(⁣١)

  فنصب أمورًا بحذر، وقال طرفة في فعال:

  ربّ ابنُ عَمّ لسليمي مُشمعل ... طَبَّاخ ساعات الكرى زاد الكسل

  ويروى بنصب زاد مفعولاً لطباخ وخبره بإضافة طباخ إليه، وساعات الكرى فصل بين المُضاف والمضاف إليه. فإن كان ذلك فهي إضافة تخفيف، وموضعه النصب، فافهم ذلك.

  فصل: وأحكامه في العمل ثلاثة أنواع واجب وجائز وممتنع.

  أمَّا الواجب فإن اسم الفاعل والمفعول إذا كانا بمعنى الحال والاستقبال مثل: هذا مكرم زيدًا غدًا، وضاربٌ زيدًا الساعة، ومظنون عالمًا، عملا عمل فعليهما وجوبا، ولم يجز إلغاؤهما فإن جريا على غير من هما له وجب إبراز الضمير الذي فيهما خلافًا للفعل، وذلك نحو قولك: زيد هند ضاربها هو. فزيد: مبتدأ، وهند: مبتدأ ثان، وضاربها خبر هند والجملة خبر زيد وفي ضاربها ضمير يعود على زيد يربط الجملة لا يجوز استتاره؛ لأنه لزيد وقد جرى على هند، وليس كذلك الفعل، بل يجوز أن تقول: زيد هند يضربها ولا يبرز الضمير في الفعل.

  وأما الجائز فإنه يجوز تأخير معمول اسم الفاعل وتقديمه مثل: هذا ضارب زيدا، وهذا زيدًا ضاربٌ، وزيدًا هذا ضارب، وكذلك اسم المفعول. وإذا تعدى إلى واحد جاز إضافته إليه تخفيفًا مثل: هذا ضاربُ زيدٍ غدًا، وإن تعدى إلى اثنين جاز إضافته إلى أحدهما تخفيفًا، ونصب به المفعول الثاني، كما قال بعضهم: (طويل)

  أبوك حباب سارق البرد ضيفه ... وجدي يا حجاج فارس شمرا⁣(⁣٢)

  وأما الممتنع: فإن اسم الفاعل لا يعمل عملاً وهو محذوف خلافًا للفعل، ولا يعمل إذا كان بمعنى المُضي، بل يكون مُضافًا كسائر الأسماء، مثل: هذا ضارب زيدٍ


(١) البيت لأبي يحيى اللاحقي انظر: الجمل للزجاجي: ١٠٥.

(٢) البيت لجميل بثينة، انظر ديوانه: ١١٣.