كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب ظرف الزمان

صفحة 136 - الجزء 1

  أشبه ذلك. وأصل الظرف الإبهام والاختصاص داخل عليه فالمبهم لا يكون إلا ظرفًا أبدا، والمختص يقع فيه الفعل تارة فيكون ظرفًا ويقع به تارة فيكون اسما غير ظرف، وينتقل إلى جهات أخر فيجري بتصاريف الإعراب فيرفع فاعلاً، ومبتدأ وخبرا، مثل قولك: نقص الشهر يومًا، والسنة أكثر من الشهر، وهذا الشهر قد أقبل، قال الله تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ}⁣[البقرة: ١٨٥] أي: هو شهر رمضان، وينصب مفعولاً به مثل قولك: عددتُ السنة أيامًا، وأحصيتُ النَّهار ساعات، وينجر انجرار المفعول به لا انجرار المفعول فيه نحو قولك: نقصت السنة يومان، طرحتُ من الشهر بيومين، فالسنة في جميع ذلك والشهر اسمان وليسا بظرفين؛ لأنهما غير متضمنتين معنى في، وهو شرط في الظروف كما قدمنا. فافهم ذلك.

  فصل: وأحكام ظروف الزمان كثيرة، فمنها أن الظرف متى وقع فيه الفعل متعديًا أو لازما، مثل: ضرب اليوم زيد وقمتُ اليوم، كان منصوبا لفظاً في المعربات كما مثلنا، وتقديرًا في المبنيات نحو قولك: سرتُ إذا سار زيد، وجئتك أمس، وفعلتُ الآن كذا، وما فعلته قط. وأصلُ الظروف الإعراب لأنها أسماء فلا يبنى منها شيء إلا لعلة وقفًا على الأصل، مثل: إذ، وإذا، ومتى، وأنا، فتحا طلبًا للخفة، مثل: أيَّان، والآن، وكسرًا على أصل التقاء الساكنين، وضما من جهة الإعراب، مثل: قبل، وبعد، وقط، وسيأتي بيان علل البناء والإعراب إن شاء الله تعالى.

  ومن أحكام هذا الباب: أنَّ من الظروف ما يعمل فيه ما قبله، وما بعده، مثل: قط وإذ، وأبدًا، ومنها ما لا يعمل فيه إلا ما بعده، مثل: إذا، ومتى، وأيَّان، وأنا؛ لأن من هذه ما يقعُ شرطا ومنها ما يقع استفهاما، والشرط والاستفهام على القطع لا يعملان فيها إلا ما بعدهما، ولا يعمل في إذْ وإذا الفعل الذي يليهما لأنهما مضافان إليه، والمضاف إليه لا يعمل بالمضاف شيئًا بلا خلاف، ولكن يعمل في إذ ما قبله، ويعمل في إذا الجواب حيث وقع. وقس على ذلك كُل ظرف مضاف إلى جملة فعلية، مثل: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ}، {وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ٥١}، لأن الظرف يُضاف إلى