باب ظرف المكان
باب ظرف المكان
  وفيه ثلاثة أسئلة: ما هو في نفسه؟ وعلى كم ينقسم؟ وما أحكامه؟
  فصل: أما ما هو؟ فهو كل مكان وقع فيه الفعل ودلّ عليه دلالة واحدة مبهمة غالبًا خِلافًا لظرف الزمان؛ لأن الفعل يدلُّ عليه دلالتين: مبهمة ومختصة، ولا ينقسم ظرف المكان إلى الماضي والحال والاستقبال كالزمان بل يكون صالحًا لها جميعًا بلفظ واحد وهو مثل: فوق، وتحت، وأسفل، وأعلى، وخلف، وأمام، ويمين وشمال ودون وبين، وعند ولدن وقبالة ومقابل وما أشبه ذلك أسماء الأمكنة التي يقع فيها الفعل، فينصبها لفظا أو تقديرا، إذ لا بد للفعل من مكان كما لا بد له من زمان، تقول: سرتُ أمامك، وقعدتُ خلفك، ورأيتُ الطائر تحت السماء، وفوق الأرض، وبينهما ودون النجم وعند السحاب.
  فصل: وهو ينقسم على ضربين: مبهم ومختص، فالمبهم: ما لم يكن له أقطار تحيط به، ولا حد يحصره، وذلك مثل: الجهات الست، ومثل، ميل وبريد، وفرسخ والمُختص كل مكان حوته حدوده واكتنفته أقطاره؛ كالقرية، والسوق، والبلد والمشرق والمغرب والشام واليمن وما أشبه ذلك. والفرق بينهما في عمل الفعل فيهما أن المُبهم يتعدّى إليه الفعل بنفسه، نحو قولك: سِرْتُ بريدًا وقطعتُ ميلاً، وقمتُ عندك وقمت يمينك، وقعدتُ شمالك والمختص: لا يتعدى إليه الفعل إلا بوساطة من حرف جر غالبًا، تقول: سرتُ إلى السوق، وذهبت إلى المشرق، وصرتُ إلى المغرب، وقمتُ في القرية والمدينة، ولا يجوز سرتُ السوق، ولا ذهبت المشرق، ولا أقمتُ القرية خلافًا لظرف الزمان، لأن الفعل قوي عليه لشبهه به وانقسامه إلى الماضي والحال والاستقبال متعدٍ إليه بنفسه وبحرف جر، سواء أكان مُبهما أو مختصَّا، تقول: سِرْتُ اليوم، وسرتُ في اليوم، وقلنا: غالبًا احترازًا من فعلين كثير استعمالهما متعديًا إلى المختص بأنفسهما وهما: ذهبتُ الشام، ودخلتُ البيت. ولا يجوز أن يُقاس عليهما فذهب خاص للشام لا يجوز فيه أن تقول: ذهبت مكة، وإنما تقول: ذهبتُ إلى مكة. ودخلتُ عام لكل مدخول فيه،