باب ظرف المكان
  تقول: دخلتُ البيت ودخلتُ السوق، والقرية.
  فصل: وأحكام ظرف المكان كثيرة، منها: أنَّ الظرف إذا كان استفهاما أو شرطًا مثل: أين وأنا لم يعمل فيه إلا ما بعده، فتقول: أين قُمت؟ ولا يجوز قمت أين. وما عدا الشرط والاستفهام عمل فيه ما قبله وما بعده سوى الفعل الذي يُضاف إليه، مثل: قمت أمامك، وأمامك قمت. ولا بد لكل ظرف من تعلق بفعل مكانًا كان أو زمانًا فمتى وقع الظرف صفة أو صلة أو حالاً، أو خبرًا تعلق بفعل محذوف، وتضمن ضميره وعمل فيه الرفع، ونصب الحال بنفسه مثال الصلة: زيد الذي عندك قائمًا، ومثال الصفة: عجبتُ من رجل عندك قائمًا، وقائمًا هاهنا حال من المضمر الذي في عندك. ومثال الحال: مررتُ بزيد عندك واقفًا. ومثال الخبر: زيد عندك واقفًا، والقتال خلفك واقعا. ويقع ظرف المكان خبرًا عن الأشخاص والأحداث لتمكنه وإبهامه، ولذلك قُلنا: إنَّ الفعل يدلُّ عليه دلالة واحدة مبهمة، ألا ترى أنك تقول: سرتُ أمامك، فلا يتعين المكان ومثله سرتُ فرسخًا، وخرجتُ بريدًا، كل ذلك مبهم، وتقول: سرت يوم الجمعة، فيتعين الزمان. ومتى لم يقع الظرف في أحد المواضع الأربعة - أعني الصفة والصلة والحال والخبر - تعلق بموجود، أو ما هو في حكم الموجود، وكان العمل كله للفعل دون الظرف مثل: قام زيد أمامك منتصبًا، وقام منتصبًا أمامك زيد، ولو أعملت الظرف في الحال لم يجز تقدمه عليه لأنه غير متصرف.
  واعلم أن كل اسم أضيف إلى ظرف زمان أو مكان انتصب انتصابه، سواء أكان مختصا أم مبهما، وذلك نحو قولك: سرتُ نصف ميل، وربع فرسخ، وثمن بريد، وقعدتُ شرقي المسجد، وغربي الدار، قال الله تعالى: {جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ}[مريم: ٥٢]. وتقول في ظرف الزمان: جئتك أوّل السنة، وآخر الشهر، ونصف النهار، ووجه النهار، قال الله تعالى {آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ}[آل عمران (٧٢] و {أَوَّلَ مَرَّةٍ}[الأنعام: ١١٠] و {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا}[الحاقة: ٧]، وكذلك لو أضفت إلى ضميره،