باب التمييز
  مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ٣٤}[الكهف]، و {أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ١٢}[الكهف]، {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا}، أصله أقل وأكثر ولكنه غير منصرف. ومثاله بعد المضاف والمضاف إليه: لله درّه، فارسًا، وما في السماء موضع إهاب خاليًا، وعلى التمرة مثلها زبدا، ومثاله بعد الفعل والفاعل طبتَ بِهِ نفسًا، وتصبب بدنه عرفا، {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا}[مريم: ٤]، {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا}، {حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا} {وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ٢٩}، وهذا المنصوب مقلوب مشبه بالمفعول، وهو في المعنى فاعل، لأن التقدير تصبب عرق بدنه واشتعل الشيب في الرأس، وحسن استقرارهم في الجنة.
  فصل: وأحكام التمييز تنقسم ثلاثة أقسام: واجب، وجائز، وممتنع.
  فالواجب: أن يكون منصوبًا بعامل المميز كان لفظًا أم مقدرًا، أو بالنائب عن الفعل من حروف الجر، والظرف مثل: لله دره، فارسًا، فالناصب له لام الجر، ولو قلت: عندي أحد عشر رجلاً؛ لنصبت رجلاً بعندي؛ لأنه خبر المبتدأ، والنائب عن الفعل أيضًا. وأن يكون متأخرًا عنه لأنه تفسير له، والتفسير لا يتقدم المفسر، وأن تتم به أحد الفائدة، تقول: عندي عشر، فلا يفيد، ثم تقول: ثوبًا أو درهما فتقع حينئذ الفائدة بالتمييز خلافًا للحال.
  وأما الجائز: فإنه متى جاء بعد التنوين في مثل قولك: رطل زيتا، وخاتم ذهبًا، وباب ساجًا، وثوب خزّا، وثلاثة أثوابًا، وجاز نصبه على التمييز، وجاز اتباعه الأول على النصب واقعا موقع المشتق، فإذا قُلت عندي خاتم ذهب، وثوب خز على النعت، فالتقدير خاتم شريف، وثوب ناعم أو لين ومثله ثلاثة أثواب، وجازت الإضافة إليه أيضًا مثل: ثوب خز، وخاتم ذهب، وثلاثة أثواب. وأجازوا الجمع في تمييز الآحاد لأنه كالعوض من قلتهما فاعرفه وكذلك التمييز بعد نعم وبئس، مثل: نِعْمَ رجالاً إخوتك فافهم. فأجازوا ذلك لأجل حذف الفاعل، وكرهوا أن يجمعوا عليه الحذف والإفراد وهو يجمع، فإن كان بعد الصفة المشبهة باسم الفاعل، مثل: