باب التعجب
  منه بالاستثناء، وما يجري مجراه، فالأول مثل: ما أكرم إلا زيدًا إخوتك، وما أحسن إلا شراك نعلك. والثاني مثل: ما أحسن لولا عيناه زيدًا، وما أشبه. ومن الجائز على حسب الخلاف الفصل بالظرف تقول: ما أحسن اليوم عمرًا، وما أكرم عندك زيدًا، ومن يمنع هذا أكثر ممن يجيزه.
  وأجازوا الفصل بين ما وفعل التعجب بكان، وصار وأصبح وأمسى وظل وبات، فكان إجماع لعمومها، وما فيها خلاف إلا أن تعتقد فيها الزيادة جاز عند الجميع ولم يمتنع فتقول: ما كان أحسن زيدًا، وما أصبح أكرمه، وما أمسى أعلمه، وما صار أفهمه. وأجاز الكسائي الفصل بالمستقبل بين ما، وفعل التعجب فقال: ما يخرج أطوله، وما يجيء أحسنه كأنه تصور شيئًا فتعجب منه، فجاء بالفعل توطئة للاستقبال، وهذا على الجُملة ضعيف أجاز أم لم يجز.
  وقد سمع لبعض العرب تصغير فعل التعجب، فقال: ما أحيسنه، وما أصيغره، ولذلك اعتقد فيه الفراء الاسمية والتصغير على التحقيق للضمير الذي فيه؛ فكأنه انتشر على الفعل فصغر، بدليل أن أحسن بزيدٍ لا يُصغر لخلوه من الضمير فاعرفه. ويجوز حذف ضمير المتعجب منه إذا دلَّ عليه الكلام، قال شقران: (طويل)
  أولئك قومي بارك الله فيهم ... على كل حال ما أعف وأكرما(١)
  أراد: أعفهم وأكرمهم.
  وأما الممتنع فإنه يمتنع التعجب بالأفعال الرباعية فما فوقها، ومن جملتها الألوان والعاهات والخلق الثابتة، فلا يجوز ما أقرمطه، ولا ما اقتدره على الكلام، ولا ما استخرجه للكتاب، وكذلك الألوان لا يجوز: ما أصفره، ولا: ما أحمره، ولا: ما أسوده، ولا ما أبيضه فإن قلت للطائر: ما أبيضه وأنت تريد أنه كثير البيض جاز كما قالوا: (رجز)
  جارية في ثوبها الفضفاض ... أبيضُ من أخت بني إباض(٢)
(١) البيت منسوب لشقران انظر: شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ٤/ ١٦٠٣.
(٢) البيت منسوب إلى رؤبة بن العجاج انظر كتاب الجمل للزجاجي: ١١٥.