كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب التعجب

صفحة 160 - الجزء 1

  شبه كثرة أولادها لغير رشده بالبيض وكذلك لو أردت بما أحمره أي: ما أشبهه بالحمار، وبما أصفره الصفير، وبما أسوده السودد، جاز ذلك لأن أصله الثلاثي، وأصل الألوان الخماسي، والسُّداسي. وكذلك العاهات، لا يجوز: ما أعوره ولا ما أعماه، ولا ما أشله، ولا ما أعرجه؛ لأن أصله إعوار بوزن إفعال، سُداسي فإن أردت عمى القلب جاز لأنه من عمي يعمى وعمى العين، من إفعال يفعال. وكذلك الخلقة الثابتة لا يجوز أن تقول في من أردت أن رأسه، تعجب من أو وجهه، أو ظهره، أو بطنه أو يده، أو رجله. أو شيء من أعضائه: ما أرأسه، ولا ما أوجهه، ولا ما أظهره وأبطنه وأيداه وأرجله فإن أردتَ بما أرأسه: الرياسة، وبما أوجهه الوجاهة، وبما أظهره القوة، وبما أبطنه المكيدة، وبما أيداه العطية، وبما أرجله الرجلة جاز ذلك.

  ومن الممتنع أيضًا التعجب بالفعل المستقبل وبكل فعل لا مصدر له مثل: كان وأخواتها وكل فعل ماض من الخلق والألوان والعاهات الزائدة على الثلاثي، إذا امتنع عليك التعجب به فخُذ مصدره، وأضفه إلى المتعجب منه ليعلم أنه له واجتلب فعلاً ثلاثيًا وأوقعه على ذلك المصدر المضاف فقل: ما أشد قرمطة زيد، وأبين، عوره، وأقنى حُمرته، وأنصع بياضه. فإذا أردت أن تعجب من خلقة ثابتة فاجتلب فِعلاً ثلاثيا ثم أوقعه على ذلك العضو فقل: ما أكبر رأسه، وطول يده إذا أردت الطَّول لا الطول، وإنما امتنع التعجب به على صيغة ما أرأسه لأنه اسم جامد لا فعل له ولو قدرت له فعلاً لكان فعله زائدًا على الثلاثي، وكل فعل امتنع فيه ما أفعله يمتنع فيه أفعل به، وهو أفعلهم وفلان أفعل من فُلان، فكما لا يجوز ما أبيضه لا يجوز أبيض به، ولا زيد أبيض من عمرو، ولا هو أبيض القوم. وقد جاء بيت شاذٌ لا يُقاس عليه وهو قول طرفة بن العبد: (بسيط)

  إذا الرجال شتوا واشتد أكلهم ... فأنت أبيضهم سربال طباخ⁣(⁣١)


(١) انظر: شرح المفصل: ٦/ ٩٣.