باب النداء
  ومعنى البيت في الهجاء أنه لا يسود ثوب هذا المهجو من دخان المطبخ، لأنه لا ينحر للضيف، ولا يطبخ في الشتوة وهي المجاعة حين يشتد أكل الرجال، أي: يعسر طلبه، والأكل هاهنا المأكول نفسه، ومنه قول الله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا}[إبراهيم: ٢٥]، وإنما يسود سرباله من دخان الكير لأنه هجا رجلاً حدادًا بدليل قوله: (بسيط)
  إلا المساحي وإلا كير نفاخ
  فقوله: أبيضهم كلام ضعيف لم يسمع فيه إلا هذه اللفظة وحدها. فأما قول الشاعر: (رجز)
  ............... أبيض من أخت بني أباضي
  فقد ذكرنا معناه وأنه أراد البيض لا البياض ولو سمع مع بيت طرفة غيره لكان مذهبًا مسلوكًا لأن الشاذ لا يكون من جهتين ولا أكثر وإنَّما يُسمعُ من جهة واحدة.
  ومن الممتنع أيضًا في هذا الباب الفصل بغير ما ذكرنا وإبراز الضمير، وتقديم المتعجب منه على الفعل لا يجوز ما زيدًا، أحسن ولا زيدًا ما أحسن، ولا بزيد أحسن؛ لأن الفعل غير متصرف في نفسه فلا يتصرف في معموله. فافهم ذلك.
باب النداء
  وفيه ثلاثة أسئلة: كم أدوات النداء؟ وعلى كم ينقسم المنادى؟ وما أحكام هذا الباب؟
  فصل: أما كم أدوات النداء؟ فسبع، وهي: يا وآ، وأيا، وهيا، وأي، ووا، والهمزة، مثال الجميع: يا زيد، وآزيد، وأيا زيد، وهيا زيد، وأي زيد، ووازيداه، وأزيد. فيا وأيا وهيا واو مستعملة في القرب وفي البعد عند تمديد الصوت، وأي والهمزة مثل: أي زيد، وزيد يُستعملان في القرب عند المخاطبات ولا ينادى بهما البعيد. ووا لا تستعمل إلا في الندبة وعند الأمور العظيمة مثل: وازيداه، واعجباه، وا