كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الجر

صفحة 177 - الجزء 1

  فصل: وأما على كم تنقسم أداوت الجر؟ فهي تنقسم على ضربين: محضة، ومشتركة.

  فالمحضة عشرة، وهي مِنْ، وإلى، وفي، وربَّ وواوها، وفاؤها، والباء الزائدة، واللام الزائدة، وواو القسم وتاؤه، ومعنى المحضة: أنها لا تكون إلا حروف جر في الغالب والمشتركة ثمانية وهي: عن وعلى، ومع، ومذ، ومنذ، وكاف التشبيه وحاشا، وخلا، وعدا. ومعنى المشتركة: أنَّها تكون مرة حروف جر، ومرة غير حروف جر، فعن تكون اسمًا وتكون حرفًا، فمتى دخل عليها حرف جر أو قدرت بالظرف فهي اسم له محلّ من الإعراب، فدخول الحرف مثل قول القطامي: (بسيط)

  فقلتُ للركب لما أن عَلابِهِمُ ... مِن عَنْ يمين الجيا نظرة قبل⁣(⁣١)

  وتقديرها بالظرف مثل قول الله تعالى: {لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ}⁣[الأعراف: ١٧]، وقال تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ١٧}⁣[ق].

  وعلى تكون اسمًا وحرفًا وفعلاً، فمتى دخل عليها حرف جر فهي اسم نحو قولك: جئتك من على الجبل أي من فوقه، قال الشاعر: (طويل)

  غَدَتْ من عَلَيْهِ تنفُضُ الطَّل بعدما ... رأت حاجِبَ الشمس ارتدى وترفعا⁣(⁣٢)

  ومتى تصرفت فهي فعل من نحو: عَلا يعلو عُلوا قال الله تعالى: {وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}⁣[المؤمنون: ٩١]، و {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ}⁣[القصص: ٤]، ومتى لم يكن بأحد هذين المعنيين كانت حروف جر نحو قولك: على زيد قميص، قال الله تعالى: {وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ٢٥٠}⁣[البقرة]، وقد جمع ذلك


(١) البيت لعمير بن شييم انظر كتاب الجمل للزجاجي: ٧٣.

(٢) البيت ليزيد بن الطثرية، انظر: شرح المفصل لابن يعيش: ٨/ ٣٨.