باب الجر
  يريد في تفريق فَالج وناشرةٍ فَجَعلَ إلَّا بمعنى الواو، والكاف زائدة، ومثله للأعشى: (كامل)
  إلَّا كخارجة المكلف نفسة ... وابني قبيصة أنْ غِيبَ ويسهدا(١)
  يريد وخارجة، وحاشا، وخالا إذا جَرَرْتَ بِهِما كَانا حرفين، وهذا مذهب سيبويه، وإذا نصبتَ بِهِما كَانَا فِعْلَين متصرفين، مثل: حاشا يُحَاشي، وخَلَا يَخلو، وهو مذهب المبرد وحجته قول النابغة: (بسيط)
  وما أحاشي مِنَ الأقوامِ مِنْ أَحدِ
  فصل: وأمَّا معانيها فَهِيَ مُختلفة كاختلافها، فلمنْ ثلاثة معان: تكون لبيان الجنس، نحو قولك: ثوب من خز، وباب من ساج، وتكون لابتداء الغاية، نحو قولك: سِرْتُ مِن مكة إلى المدينة، وتكون للتبعيض في مثل قولك: أكلتُ مِنَ الطعام، وشربتُ من الماء، أي: بعضه، وقد تعاقب أربعة أحرف: الباء، وعَنْ، وعَلَى، وواو القسم مثل: يحفظونه من أمر الله أي بأمره ونقلت الخبر من فُلان، أي: عنه ونصرناهُ مِنَ القوم أي عليهم، وتكون قسمًا بمعنى الواو، نحو قولهم: من ربّي إنك لأشر، وقد تكون زائدة لتأكيد النفي مع المبتدأ أو الفاعل: مثل: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، وما جاءني من أحد، وقد تأتي في الواجب قليلاً، قال امرؤ القيس: (طويل)
  لَمَا نَسجته مِنْ جنوب وشمأل(٢)
  ويقولون في التعليل قد كان من مطر.
  ومعنى إلى انتهاء الغاية. وقد تعاقب ظرفين مع وعند لما فيهما من معنى الظرف، نحو قوله تعالى {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ}[آل عمران: ٥٢]، أي: معه، و {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}[النساء: ٢] أي: معها، و {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ
(١) البيت من الكامل، وهو في ديوان الأعشى: ٢٣١.
(٢) انظر: ديوانه ص ٨.