كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الجر

صفحة 181 - الجزء 1

  إليها وقال: {وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ١٨}⁣[الشعراء] أي: عندنا، وقال: {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ}⁣[الأعراف: ٣٨] أي: مع أمم قد خلت، وقال: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى}⁣[الإسراء: ٧٢] أي: من كان عن هذه أعمى فهو عن الآخرة أشدُّ عمى، يقول من كان عن الاستدلال بهذه الدار أعمى فهو عن ما وعده الله وأوعد عد من الترغيب والترهيب أشدُّ عمى وأضل سبيلاً.

  ومعنى الباء: الإلصاق، وقد تكون زائدة ومع الفاعل وفي خبر ما وليس، وفي التعجب مثال ذلك على الترتيب: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}⁣[الإسراء: ٩٦]، {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ}⁣[البقرة: ١٦٧]، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}⁣[الزمر: ٣٦] {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ}⁣[مريم: ٣٨] أي: ما أسمعهم وأبصرهم. وقد تعاقب ستة أحرف، وهي: اللام ومع، ومن وعلى وعن، وفي مثال ذلك على الترتيب قال الله تعالى: {مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}⁣[الدخان: ٣٩] أي: له وتقول: كل الخبز بالتمر، أي: معه، وشربن بماء البحر، أي: منه.

  قال الشاعر: (طويل)

  شرِبْنَ بِمَاء البحر ثم ترفعنَ ... لدى لجج خُضْرٍ لَهُن نئِيجُ⁣(⁣١)

  أي من ماء البحر وتقول: رميتُ بالقوس وحملت بالفرس، أي: عليها، وقال تعالى: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ٥٩}⁣[الفرقان] أي: عنه قال حسان (رجز)

  قَحْطَان ما سالَ بِهِ خَبِيرًا ... تَجِدْ لَه في البلادِ ذكرا

  وقال الله تعالى: {تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا}⁣[يونس: ٨٧] أي: في مصر.

  ومثله: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ}⁣[النور: ٣٦] أي: في الغدو.

  وللام خمسة معان: الأول: التمليك، نحو قولك: المال لزيد، والثاني:


(١) البيت لأبي ذؤيب الهذلي انظر: ديوان الهذليين: ١/ ٥١.