كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الجر

صفحة 183 - الجزء 1

  [المطففين: ٢] أي: منهم، وقال: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ}⁣[الشعراء: ١٤] أي: عندي، ومثله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ}⁣[الأنعام: ٣٠] أي: عنده. وقال الشاعر: (طويل)

  غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا تَمَّ خمسُهَا ... تَصل وعن قيض بزيزاء مَجْهَلِ⁣(⁣١)

  أي: من فوقه، وتكون زائدة نحو قول الله تعالى: {لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ}⁣[يس: ٦٦] معناه: فطمسنا أعينهم.

  ومعنى مع المصاحبة، ومعنى مذ ومنذ بيان مدة الزمان ومعنى الكاف التشبيه: ومعنى حاشا وخلا الاستثناء فهذه معاني حروف الجر قد وفرت، وذكر معاقبة بعضها لبعض، وهي تُسمى حروف الصفات، لأنها تقع صفات للنكرات، وأحوالاً للمعارف، ولذلك تقول العرب: حروف الصفات يعقب بعضها بعضًا فافهم ذلك.

  فصل: وأما أحكام حروف الجر فكثيرة متفقة ومختلفة، فاتفاقها في شيء واحد وهو العمل فيما دخلت عليه من الأسماء سواء عملت فيه لفظاً، أم تقديرًا. واختلافها في أشياء كثيرة، وذلك أن منها ما يدخل على المعرفة والنكرة، والظاهر والمضمر، ويقع أول الكلام، وآخره، وهي ثمانية أحرف من وإلى وعن، وفي، ومع، والباء، واللام الزائدتان مثال دخولها على المعرفة والنكرة: جئتُ من زيدٍ إلى رجل، ومثال دخولها على الظاهر والمضمر: بلغني عن زيدٍ وعنك كذا، ومثال وقوعها أول الكلام و آخره من زيدٍ جئت وجئت من زيد وكذلك الباقي من الثانية. ومنها ما يدخل على النكرة دون المعرفة وهي ثلاثة رب، وواوها، وفاؤها، تقول: ربَّ رجل لقيني، ولا يجوز رب الرجل. ومنها ما يدخل على الظاهر دون المضمر وذلك تسعة أحرف وهي كاف، التشبيه ومذ، ومنذ وحتى، وواو القسم، وتاؤه، ورب وواوها، وفاؤها، تقول: ما رأيتُ أحدًا، ولا يجوز كهو، ولا كأنت فأما قول أبي نواس: (كامل)


(١) البيت لمزاحم بن الحارث العقيلي انظر: الجمل للزجاجي: ٧٣.