كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب القسم

صفحة 184 - الجزء 1

  تصف الطلول على السَّماع بها ... اقذوا العيان كأنت في العلم⁣(⁣١)

  فإنه شاذ لا يُقاس عليه ومثله في الشذوذ قولهم: ربه رجلاً، وكذلك الباقي.

  ومنها ما يقع أول الكلام، ولا يقع، آخره، وهي ثلاثة أحرف: رب وواوها، وفاؤها، تقول: رب رجل لقيني، ولا يجوز لقيني ربَّ رجل؛ لأنها لا تقع فاعلة للزومها الحرفية أبدًا، وكذلك حكم واوها وفائها، قال الشاعر: (كامل)

  وقائلة راح ابنها بغنيمة ... ولولا ابن أخرى لم يرخ بالغنائم

  وقد قيل وقعت أولاً لأن معناها التقليل، وتقليل الشيء يقارب نفيه، والنفي له صدر الكلام فافهم ذلك وبالله التوفيق.

بَابُ الْقَسمِ

  وفيه أربعة أسئلة: ما حقيقة القسم؟ وعلى كم ينقسم؟ وكم أدواته؟ وما أحكامها؟

  فصل: أما ما حقيقة القسم؟ فحقيقته أن يكون اللفظ مطابقًا للنية، فإن كان لفظا بغير نية، أو نية بغير لفظ لم يكن قسمًا. ومعناه التعظيم للمقسم به إذا كان كل مقسم يقسم بما هو أعظم منه إلا الله ø، فإنه يقسم بما عز عليه من خلقه، وفي الحديث المرفوع أنَّ رسول الله ÷ قال: «إذا أقسم أحدكم فليقل: والله العظيم فإنَّ ذلك تعظيمًا الله».

  فصل: وهو ينقسم على ضربين ضربٌ منه يكون بأداة، وضرب منه يكون بغير أداة، فالذي يكون بغير أداة ضربان: أحدهما: مبتدأ وخبر ظاهران، وهو قول القائل: عليه عهد الله وملكه في سبيل الله، وامرأته طالق وما أشبهه لا يجوز فيه إلا الرفع. والضرب الثاني: مبتدأ ظاهره وخبره محذوف، وهو قولهم: يمين الله وأمانته، وعهد الله وميثاقه والمعنى يمين الله لازمة له أو أمانة الله وعهد الله وميثاقه عليه. فهذا أو شبهه يجوز فيه وجهان: الرفع كما مثلنا، والنصب على تقدير لعل محذوف،


(١) انظر: ديوان أبي نواس: ٣٢٤.