كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب القسم

صفحة 185 - الجزء 1

  كأنه يقول: ألزم نفس يمين الله وأمانته، قال امرؤ القيس: (طويل)

  فقالت سباك الله إنَّك فاضحي ... ألستَ تَرى الشمار والناس أحوالي

  فقلت: يمين الله أبْرَحُ قاعدًا ... ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي⁣(⁣١)

  وقال آخر:

  إذا ما الخبز تأدمُه بلحم ... فذاك أمانَةَ الله الثَّريد⁣(⁣٢)

  ومن ذلك قولهم: أيمن الله بالرفع على حذف الخبر وهو عند البصريين اسم مفرد وألفه وصل، وحجتهم على أنّه مفرد قولهم فيه ما لله إذ ليس في الكلام اسم مجموع يحذف حتى لا يبقى منه إلا حرف واحد، وذلك موجود في المفردات نحو قولهم: الرجل ذو مال، فالذال اسم والواو علامة الرفع، واشتقاقه عندهم من اليمين والبركة. واستدلوا على أن ألفه وصل لجواز كسرها فيقال: أيمن الله. ويبدل منها اللام؛ فيقال ليمن الله، وأنشدوا بيت نُصيب بروايتين باللام، والهمزة المكسورة وهو: (طويل)

  فقال فريق القوم لَمّا نشدتُهم ... نَعَمْ وفريق ليمن الله ما ندري⁣(⁣٣)

  وهو عند الكوفيين اسم مجموع وألفه قطع، وهو جمع يمين وحجتهم أن وزنه أفعل، وهذا الوزن يخصُّ الجموع نحو أفلس، وأكبش جمع فلس وكبش. وقول البصريين أوضح، ومنه ست لغات: أيمن بالكسر، والفتح وليمن الله، وأيم، وهيم الله، ومن الله، وما الله وقد يقسم بالعمر فإذا كان معه اللام، مثل: لعمر الله، {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ٧٢}، كان مرفوعًا لدلالة اللام على الابتداء، قال ذو الرمة:

  ولكن لعمر الله ما طل مُسلما ... كغر الثنايا واضحاتِ الملاغِم⁣(⁣٤)


(١) البيتان من البحر الطويل، وهما في ديوانه: ٣١، ٣٢.

(٢) انظر الكتاب: ١/ ٤٣٤، ٢/ ١٤٤.

(٣) البيت نُسِبَ إلى نصيب انظر: المقتضب: ١/ ٢٢٨.

(٤) لأبي حية النميري انظر: أمالي المرتضى: ١/ ٤٤٣.