باب النعت
  الظريف العاقل الكريم، قال الله تعالى {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ}[التوبة: ١١٢] إلى آخر الآية، وقال: {أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ}[التحريم: ٥] إلى آخر الآية، وعطف بعضها على بعض، مثل: هذا زيد الظريف والعاقل، وصاحبُ الخُلق الجميل قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ}[الأحزاب: ٣٥] الآية إلى آخرها، كل ذلك نعوت بعضها على بعض ترجع على عين واحدة.
  وإذا كانت النعوت للمدح والذم جاز قطعها عن المنعوت منصوبة بفعل مقدر أو مرفوعة بإضمار مبتدأ، نحو قولك: مررتُ بزيد الظريف العاقل الجليل، وعجبتُ من عمرو اللئيم الجاهل البخيل، وكذلك ما أشبهه من المدح والذم خِلافًا لما جاء تخصيصا لنكرة، أو لإزالة شك عارض في معرفة، فإنَّه لا يجوز قطعها لأنهما جاءا للمخصص، والمشكوك فيه بمنزلة التفسير للمشكل والتحديد للمبهم، فإذا قطعا عنهما بطل المعنى الذي جاءا له، فكان الكلام خلفًا لا فائدة فيه، وإنما جاز قطع المدح والذم لأنهما موضع يحسن فيه الإطالة والإسهاب فكثر بتقدير المحذوف، قال الله تعالى: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}[النساء: ١٦٢] تقديره: أعني المقيمين وهم المؤتون، وقالت الخرنق(١): (كامل)
  لا يبعدن قوم الذين هم ... سم العداة وآفة الجزر
  النازلين بكل معترك ... والطيبون معاقد الأرز
  والمانعين الضيم جارهم ... والعائدون على ذوي الفقر
  ويروى هذا البيت الأخير على هذه الرواية. ويجوز نعت النكرة المفردة بالجمل والحروف والظروف مثل: مررت برجل له علم، وبرجل من الكرام، وبرجل أمامك.
(١) هي الخرنق بنت بدر بن هفان بن مالك بن ضبيعة بن قيس، وهي أخت طرفة بن العبد لأمه. انظر: ديوانها: ٢٩.