كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب البدل

صفحة 220 - الجزء 1

  ولا يُقاس بالنعت الذي يقوم مقام المنعوت لأنَّ النعت مشتق فيه معنى الفعل فقد علم أنه تابع لذات جامدة سواء أظهرت أو قدرت. والبدل جامد ليس فيه دليل من ذاته على أنه تابع لغيره. إذا كان المبدل منه ساقطا. ومن الدليل على أنه لا يجوز اعتقاد طرح الأول أنك تقول: عجبتُ من ضرب زيد أخوك عمرًا. وإِنَّ زيدًا أخوك قائم، وهذا ضارب زيدًا أخاك. ويا أخوينا زيدًا وعمرًا أقبلا. فقس عليه كل شيء أبدلته على الموضع لو نويت بالأول الطرح لأفسدت الإعراب وكان لحنًا صريحًا فاعرفه.

  وقال المبرد: حقيقة البدل أن يُقام مقام المُبدل منه فيستقل التأليف. فإذا قلت: جاءني زيد أخوك جاز أن تقول: جاءني أخوك، ولعمري أنه يستقل التأليف غير أنه لا يدلُّ في هذا الكلام ولا دليل على البدل، ألا ترى أنه يقول: جاءني زيد. فيشك أي الزيدين جاءه، أأخوك أم غيره؟ فإذا قلت جاءني أخوك فيلتبس عليك أي إخوتك أزيد أم غيره من إخوتك؟ فإذا قال جاءني زيد أخوك وأتى لمجموعي الاسم زال اللبس وتبين المعنى، وتخصص من غيره، فالأول أجود القولين فافهم ذلك. فصل: وأما على كم ينقسم البدل؟ فهو ينقسم على أربعة أقسام:

  بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة نحو قولك: جاءني زيد أخوك. فزيد فاعل والأخ بدل منه. قال الله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}⁣[الفاتحة: ٦ - ٧] هذه العبارة الصحيحة.

  فأما قولهم: بدل الكل من الكل فكلام مختل معناه بدل الشيء من نفسه. فتجعل البدل والمبدل منه شيئًا واحدًا. وهذا الاعتلال يقوي مذهب المبرد من حيثُ كانت الشريعة لا تقضي باستعمال البدل إلا عند عدم المُبدل منه. قال الشاعر في بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة: (طويل)

  لَحَا الله قيسًا قيس عيلانِ إنَّها ... أضاعت تُغُورَ المسلمين وذَلَّتِ⁣(⁣١)


(١) البيت لعبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص أخي مروان بن الحكم، انظر: مجالس ثعلب القسم الثاني: ٣٤٧.