باب البدل
  وتروى وَوَلَّتِ.
  الثاني: بدلُ البعض من الكل على جهة التخصص نحو قولك: ضربتُ زيدا رأسه، وقطعت اللص يده قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران: ٩٧]، وقال: {عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ}[المائدة: ٧١] وقال: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}[الأنبياء: ٣]، ومثله: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ}[الأعراف: ٧٥] فالبعض في هذا كله بدل من الكل ولو قلت هذا بدل الشيء من الشيء وهو بعضه لكانت عبارة جيدة.
  الثالث بدل الاشتمال نحو قولك: نفعني عبد الله عِلمه، وأعجبتني الجارية حسنها، وعرفتُ أخاك خبره. وعجبتُ من زيد أمره. قال الله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ}[السجدة: ٧] في قراءة بعضهم وقال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ}[البقرة: ٢١٧] {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}[الكهف: ٦٣] تقديره: ما أنساني الحق أن أذكره إلا الشيطان. وقال الأعشى(١): (طويل)
  لَقَدْ كانَ في حَوْلِ ثَوَاءِ ثَوَيْتَهُ ... تَقَضِي لُبَانَاتٍ وَيَسامُ سَائِمُ
  وَقِيلَ لَهُ بَدل اشتمال لأن المعنى يَشتَمِلُ عَلَى البدلِ وَالمُبدلِ مِنْهُ، جَمِيعًا ومِنْهُم مَنْ يُسمى هذا البدل بدل المصدر مِنَ الاسم. والعبارة الأولى أجودُ لأنه يكون بغير المصدرِ نحو قولك: كَانَ زَيدٌ مَالُه كَثِيراً، وَأصبحَ أخوك وجههُ حَسَناً، قَالَ الله ø: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ٤ النَّارِ ذَاتِ ...}[البروج: ٤ - ٥] إلَّا أنه أكثر ما يكون بالمصادر ومنه قول الشاعر:
(١) انظر: ديوانه: ٧.