كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب البدل

صفحة 223 - الجزء 1

  وهذا ينبهك على عظم العربية من حيث كانت العرب تُحسن بألفاظها العذبة وعباراتها الرطبة الشيء وضده فتحسنان جميعًا.

  فصل: وأما ما أحكام البدل؟ فكثير ينقسم على ثلاثة أقسام: واجب، وجائز، وممتنع.

  فالواجب: أن يكون البدل تابعًا للمبدل منه في تسعة أشياء: في رفعه، ونصبه، وجره، وجَزْمِهِ، وتذكيره، وتأنيثه وتوحيده وتثنيته وجمعه، غالبًا مثال ذلك كله: جاءني زيد أخوك، ورأيتُ عمرًا أباك ومررتُ ببكر عمّك. ومن يأتني يقصدني أكرمه. وهذه دعد أختك والهندان أختاك، والفواطم نسوتك. ولا يكون إلا بالجامد خلافًا للنعت.

  وأما الجائز: فبدل المعرفة من المعرفة نحو قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ٤ النَّارِ}⁣[البروج: ٤ - ٥]. وبدل النكرة من النكرة نحو قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ٣١ حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا ٣٢}⁣[النبأ]، وبدل المعرفة من النكرة نحو قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٢ صِرَاطِ اللَّهِ}⁣[الشورى: ٥٢ - ٥٣]. وبدل النكرة الموصوفة من المعرفة نحو قوله تعالى: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ١٥ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ١٦}⁣[العلق]، ويجوز بدل الظاهر من الظاهر نحو ما قدمنا، وبدل المُضمر مِنَ المضمر نحو: رأيته إيَّاه، وبدل المضمر من الظاهر نحو: رأيتُ زيدًا إيَّاه. وبدل الظاهر من المضمر نحو مررتُ بهِ، زيد وأعطيته المسكين درهما. قال الله تعالى: {عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ}⁣[المائدة: ٧١]، وقال: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}⁣[الأنبياء: ٣]، وقال الفرزدق:

  أقولُ لِعَبْدِ اللَّهُ لَمَا سِقاؤُنَا ... ونحنُ بوادي عَبْدِ شَمسِ وهَاشِمِ