باب ما لا ينصرف
  علتان فصارت غير منصرفة في نكرة ولا معرفة وربما اجتمعت فيه ثلاث علل وأربع فالأربع في مثل: آذربيجان (اسم بلدة) فيه التعريف لأنه علم والعجمة لأنه غير مشتق، والتركيب لأنه آذر اسم مركب مع (بيجان)، وزيادة الألف والنون لأن الأصل بيج فإن قصدت به البقعة كان مؤننا. وكان التأنيث علة خامسة.
  والثالث: في حمراء وسكرى فيهما الصفة لأنهما مشتقان من الحُمرة، والسكر، وفيهما التأنيث وعلامته الألف ممدودة ومقصورة، وفيهما لزوم التأنيث وهو أن ثانيته لا يزول. ألا ترى أنك تقول في حَمْراء وسكرى، وحميراء وسُكيرى فتثبت وصحراوان وسكران فتنقلب وكذلك صحراوات وسكرنات وصحروي، وحبلوي، فلا تسقط العلامة بحال خلافًا لما فيه تاء التأنيث مثل: مسلمة وقائمة لأنك تقول في التذكير: قائم وفي الجمع مُسلمات وفي النسب مسلمي فتسقط العلامة. فإن سميت امرأة حمراء وهي حمراء زدتها علة رابعة فكان فيها التعريف والصفة والتأنيث ولزوم التأنيث قال الشاعر: (طويل)
  فقُلتُ لَهَا يَا أُمَّ بَيْضَاءَ إِنَّنِي ... أريق شَبَابِي واستشَنَّ أديمي(١)
  فصل: وأحكام ما لا ينصرف ثلاثة: واجب، وجائز، وممتنع.
  فالواجب أن يحمل جره على، نصبه ويتبعه على موضعه دون لفظه فتقول: مررتُ بإبراهيم الظريف نفسه أخيك وزيد.
  والجائز: أن الشاعر إذا اضطر صَرْفَ ما لا ينصرف وردَّه إلى أصله لأن أصل الأسماء الصرف؛ كما قال حسان: (وافر)
  وجبريلٌ أمين الله فينا ... وروح القدسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ(٢)
  وقد اتسعت العرب في الجموع من غير ضرورة لأن فيها علة واحدة وهي الجمع وقووها بنهاية الجمع وليس بعلة فقالوا: مساجد ومساجد، ودنانير ودنانير، قال الشاعر: (طويل)
(١) البيت للطرماح في ديوانه: ٥٨٦.
(٢) البيت لحسان بن ثابت، وهو في ديوانه ٦.