كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الاستخبار

صفحة 280 - الجزء 1

  فصل: وأما على كم تنقسم أدوات الاستفهام؟ فَعَلى ثلاثة أضرب: حروف، وظروف، وأسماء غير ظروف.

  فالحروف ثلاثة، هي: الهمزة، وأم، وهَلْ.

  والظروف أربعة، وهي: أينَ، وأنَّى، وأيَّان، ومَتَى.

  والأسماء خمسة: من، وما، وكيف وكم، وأي وجميعها مبني سوى أي. أما الحروف فَعَلى الأصل، وأما الظروف والأسماء فلعلة وهي تضمنها ألف الاستفهام ومشابهتها إيَّاها لأنك إذا قلت: من أبوك؟ أين بيتك؟ فالمعنى: أبوك فلان أم غيره. أبيتك بمكان كذا أم سواهُ فَمَا بني على الوقف من الحروف فلا سؤال فيه لِمَ بُني؟ ولم خُص بالوقف، لأن أصل الحروف البناء، وأصل البناء الوصف، وذلك أم وهل، وما بُنِي عَلَى حركة ففيه سؤالان: لم بُني على حركة؟ ولِمَ خُصَّ بحركة دون حركة؟ وذلك همزة الاستفهام فبنيت على حركة لأنه يبتدأ بها، ولا يبتدأ بساكن ولأنها حرف بسيط، وليس بعلة جامعة. وخصت لأنه أخف الحركات.

  وما بني الأسماء والظروف عَلَى الوقف ففيه سؤال واحد وهو: لِمَ بُنِي؟ والجواب: ما تقدم وذلك من وما وكم، ومتى، وأنى. وما بني على حركة ففيه ثلاثة أسئلة: لم بُني وأصل الأسماء الإعراب ولِمَ بُني على حركة وأصل البناء الوقف؟ ولم خُص بحركة دون حركة والحركات ثلاث وذلك كيف، وأين، وأيان، بنيت لتضمنها الحرف أو لمشابهتها إيّاه لالتقاء الساكنين وفتحت طلبًا للخفة.

  فصل: وأما أحكامها فكثيرة تنقسم ثلاثة أقسام: حُكمها في أنفسها، وحكمها في مواضعها، وحكمها في مواقعها.

  أما حُكمها في أنفسها فإنها تقع كلها سؤالاً عن شيء مجهول إذا كانت استفهاما. وتقع تقريعًا وتوقيفًا وتقريرًا من الله تعالى. وممن قرر فعلاً فعله أو فعل به كما حكى الله تعالى عن الخضر #: {أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ٧٢}⁣[الكهف]، ولذلك قُلنا غالبًا، لها صدر الكلام تقول: من أبوك؟ ولا يجوز أبوك من. ومثله أين بيتك؟ ولا يجوز بيتك أين. وقد ظن بعض من لا يعرف